رقم الوثيقة: MDE 11 /23/2013
إن قرار الادعاء العام القاضي بعدم قبول الاستئناف المقدم ضد حكم البراءة الذي صدر في إحدى قضايا التعذيب إنما يضع نهاية للجهد الوحيد الذي بُذل حتى الآن من أجل تحقيق العدالة في قضية تعذيب نزيهة سعيد.
فقد كان يوم 23 يوليو/تموز الموعد النهائي للادعاء العام لتقديم استئناف نيابة عن الصحفية نزيهة سعيد، التي قالت إنها تعرضت للتعذيب في عام 2011 ولكنه قرر عدم تقديمه.
إن إغلاق قضية الصحفية ما هو إلا مثال آخر على عدم قدرة نظام العدالة البحريني على توفير الإنصاف الفعال لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. وقد رفضت السلطات العديد من شكاوى التعذيب؛ وفي القضايا التي حقق الادعاء العام في مزاعم ممارسة التعذيب واستخدام القوة المفرطة التي أفضت إلى وقوع وفيات، تمت تبرئة ساحة المسؤولين عن تلك الأفعال، وهم عادة ما كانوا من رجال الأمن ذوي الرتب المتدنية، أو إصدار أحكام مخفَّفة بحقهم. وهم يرفعون دعاوى استئناف ضد تلك الأحكام حالياً.
في عام 2011 اعتُقلت نزيهة سعيد، وهي صحفية بحرينية عمرها 31 عاماً، عملت مراسلة لقناة التلفزة الإخبارية الفرنسية “فرانس 24” منذ يونيو/حزيران 2009، ومع تلفزيون مونت كارلو منذ عام 2004، وتعرضت للتعذيب أثناء اعتقالها.
وذكرت نزيهة سعيد أنه تم استدعاؤها إلى مركز شرطة الرفاع في مساء يوم 22 مايو/أيار 2011. وقد استجوبها شرطي وأخبرها بأنها متهمة بالانتماء إلى جماعة تهدف إلى إسقاط النظام الملكي وأنها تحدثت مع بعض زعماء المعارضة، ولكنها نفت ذلك الاتهام.
ثم اقتيدت نزيهة إلى غرفة أخرى، حيث ذُكر أن مجموعة من رجال الشرطة والشرطيات بدأوا بضربها بخرطوم مياه وأوسعوها لكماً وركلاً. ثم اقتيدت إلى غرفة أخرى وهي معصوبة العينين، وسُحبت من شعرها إلى غرف أخرى. وذُكر أنها تعرضت للضرب على ظهرها وقدميها على يديْ شرطية، قامت بصعقها بالكهرباء على ذراعها اليمنى في وقت لاحق. كما أرغمتها الشرطية على تقليد القرد وعلى شرب سائل غير معروف وهي معصوبة العينين، ووضعت رأسها في مرحاض وقالت لها: “إن هذه الماء أنظف منك أيتها الشيعية”، كما اتهمتها بتلفيق تقاريرها التلفزيونية.
وتم استجواب نزيهة سعيد مرة أخرى، حيث سُئلت عن مصادر تقاريرها الإخبارية المتعلقة بوفاة المحتجين. وعندما قالت إنها تلقَّتها من أطباء، قال لها المحققون إنهم كاذبون وإنها لفَّقت تلك المعلومات. وعندما أُزيحت العصابة عن عينيها أخيراً، شاهدت نزيهة ممرضات محتجزات معها في الغرفة.
وبعد مرور عشر ساعات من وصولها إلى مركز الشرطة، اقتيدت نزيهة سعيد إلى الضابط المسؤول، الذي طلب منها التوقيع على بعض الأوراق، ولكنها كانت خائفة جداً من طلب قراءتها قبل التوقيع عليها. وقال لها الضابط: “إن كل ما يحدث في مركز الشرطة هذا يتعلق بسمعتي، وأنت لا تريدين تحطيمها”.
وعقب إطلاق سراحها، قدمت نزيهة سعيد شكوى إلى مكتب الادعاء العام الذي أجرى تحقيقاً في القضية وأحالها إلى محكمة جنائية صغرىى. وفي 4 مارس/آذار 2012، أعادت المحكمة الجنائية الصغرىى القضية إلى مكتب الادعاء العام بحجة أنها قضية جناية وليست جُنحة، ولذا فهي لا تقع ضمن ولايتها القضائية. ثم أحال مكتب الادعاء العام القضية إلى المحكمة الجنائية العليا، التي برَّأت ساحة الشرطية في أكتوبر/تشرين الأول 2012 على الرغم من توفر أدلة طاغية على تعرض نزيهة سعيد للتعذيب.
وتضمَّن تقريران طبيان أعدَّهما خبيران في الطب الشرعي تابعان لوزارة الداخلية، قاما بإجراء فحص طبي شرعي لنـزيهة في 24 و 25 مايو/أيار 2011 على التوالي، إشارة إلى وجود علامات تعذيب وضرب على أجزاء عدة من جسمها. وفي التحقيق الذي أجراه مكتب الادعاء العام، شهدت شرطيتان تعملان في مركز الشرطة نفسه لصالح نزيهة وأكَّدتا أنها تعرضت للتعذيب والضرب.
وقد استأنف الادعاء العام ذلك الحكم. وفي 23 يونيو/حزيران أكدت محكمة الاستئناف العليا الحكم الصادر في 22 أكتوبر/تشرين الأول. وكان امام الادعاء العام مهلة 30 يوماً لاستئناف الحكم أمام محكمة التمييز، وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون، ولكنه لم يفعل ذلك. كما رفض الادعاء العام إعطاء الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف العليا في 23 يونيو/حزيران غلى نزيهة سعيد ومحامييها.
وقد أنشات الحكومة مؤخراً عدداً من هيئات حقوق الإنسان، من بينها مكتبان للمظالم، أحدهما في وزارة الداخلية، والآخر في جهاز الأمن الوطني، بهدف التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي قوات الأمن. إن منظمة العفو الدولية تدعو السلطات إلى ضمان توفير الإنصاف الفعال لنـزيهة سعيد وغيرها من الضحايا.
http://www.amnesty.org/ar/library/info/MDE11/023/2013