21 أبريل/ نيسان 2011
AI INDEX: MDE 11/019/2011
البحرين: أزمة حقوق الإنسان
البحرين اليوم دولة سقطت في براثن أزمة سياسة وحقوق إنسان متصاعدة. ومنذ 16 مارس/آذار، عندما أرسلت الحكومة جيشها وقوات أمنها لاجتياح منطقة دوار اللؤلؤة للمرة الثانية وإخلائها من المحتجين، والدولة الخليجية الصغيرة تشهد دورة متفاقمة من انتهاكات حقوق الإنسان. وتشمل الانتهاكات اعتقالات تعسفية على نطاق واسع بين صفوف منتقدي الحكومة ومعارضيها والمحتجين ضدها، ومزاعم بتعذيب وإساءة معاملة المحتجزين الذين توفي أربعة منهم على الأقل في الاحتجاز وفي ظروف مريبة منذ بداية أبريل/نيسان، واستخدام قوات الأمن للقوة المفرطة والمميتة.
21 أبريل/ نيسان 2011
AI INDEX: MDE 11/019/2011
البحرين: أزمة حقوق الإنسان
البحرين اليوم دولة سقطت في براثن أزمة سياسة وحقوق إنسان متصاعدة. ومنذ 16 مارس/آذار، عندما أرسلت الحكومة جيشها وقوات أمنها لاجتياح منطقة دوار اللؤلؤة للمرة الثانية وإخلائها من المحتجين، والدولة الخليجية الصغيرة تشهد دورة متفاقمة من انتهاكات حقوق الإنسان. وتشمل الانتهاكات اعتقالات تعسفية على نطاق واسع بين صفوف منتقدي الحكومة ومعارضيها والمحتجين ضدها، ومزاعم بتعذيب وإساءة معاملة المحتجزين الذين توفي أربعة منهم على الأقل في الاحتجاز وفي ظروف مريبة منذ بداية أبريل/نيسان، واستخدام قوات الأمن للقوة المفرطة والمميتة.
وطُرد مئات من الموظفين لدى الدولة ولدى غيرها من وظائفهم، وذلك فيما يبدو بسبب اشتراكهم في الاحتجاجات أو تأييدهم لها، وهناك فيما يبدو مناخ سائد من الخوف وعلامات بتزايد الانقسام الطائفي بين الأقلية السنية التي تمسك بزمام السلطة والغالبية الشيعية التي يعتبر كثير من أبنائها أنفسهم مضطهدين ومحرومين. وفي الوقت ذاته، يشكو العمال الأجانب المهاجرون، خاصة من شبه القارة الهندية، من أن عناصر من داخل الطائفة الشيعية استهدفتهم بالهجوم؛ بينما يدعي البحرينيون الذين يؤيدون الحكومة أن صرامتها مع المعارضة والاحتجاجات كانت ضرورية من أجل ” انتشال البحرين من الهاوية”.
منذ 15 مارس/آذار، أصبحت البحرين تحت حالة الطوارئ التي أعلنها رأس الدولة الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وقد فُرضت الطوارئ لفترة ثلاثة أشهر قد تتجدد بموافقة المجلس الوطني أو البرلمان الذي يملك سلطة ضعيفة وازدادت ضعفاً بعد انسحاب معظم أعضاء كتلة الوفاق الثمانية عشر احتجاجاً على بطش الحكومة. وتزود حالة الطوارئ قوات الأمن بسلطات هائلة، وتنشئ نظاماً من المحاكم الخاصة لمحاكمة المتهمين بجرائم ضد الدولة، وليس بها ضمانات واضحة لحقوق الإنسان. وفرضت الحالة بينما كانت المملكة العربية السعودية ترسل ألف جندي عبر الجسر الذي يربط بين البلدين دعماً لقوات الأمن البحرينية، كما ساهمت دول خليجية أخرى – خاصة الكويت والإمارات العربية المتحدة – بقوات جيش أو شرطة.
ومنذ فرضت حالة الطوارئ، ألقي القبض على أكثر من 500 شخص – وكثيراً ما كانوا بؤخذون من بيوتهم في الليل غالباً، بأيدي جماعات من الشرطة وقوات الأمن الملثمين الذين تقاعسوا عن إبراز أوامر بالقبض؛ بل واعتدوا أحياناً على من أرادوا اعتقالهم وعلى أفراد أسرهم. واقتيد المحتجزون إلى أماكن لم يفصح عنها. ومازالت الحكومة لم تصرح بعد بأماكن نحو 85 شخصاً ورد مؤخراً إطلاق سراحهم. وهم في معظم الأحيان يودعون في حبس انفرادي، ويحرمون من أي اتصال أو تواصل بمحاميهم أو أسرهم، مما يعزز المخاوف من تعرضهم للتعذيب أو غير ذلك من صنوف المعاملة السيئة في الاحتجاز. وهذه المخاوف قد تعاظمت بفعل التقارير حول وفاة مالا يقل عن أربعة محتجزين وهم قيد الاحتجاز.
هذه التطورات شكلت تياراً قوياً ومثيراً للقلق بدرجة كبيرة. وإلى عام 2010 كانت البحرين تعتبر الدولة الخليجية التي حققت أكبر تقدم في مجال حقوق الإنسان، وكانت هذه أيضاً الصورة التي حرصت الحكومة على نشرها. لذا، فقد تبنت السلطات علانية كثيراً من التوصيات التي اتخذتها حكومات أخرى لتعزيز حماية حقوق الإنسان، وذلك عندما كانت البحرين واحدة من أوليات الدول التي اعتبرت، بموجب عملية المراجعة الدورية العالمية من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2008، بأنها تقدم نموذجاً للتفاعل مع هذه العملية أكثر إيجابية من كثير من الدول الأخرى. واليوم، يبدو ذلك وكأنه شبح من الماضي، إذ تبدو السلطات كأنها رهينة سياسة أقرب إلى مطاردة الذين يقودون الدعوات إلى تغييرات سياسية وأنشطة أخرى أبعد مدى.
والتقرير الحالي يعتمد على ما توصل إليه وفد ثلاثي من منظمة العفو الدولية قام بزيارة البحرين في الفترة ما بين 1-8 أبريل/نيسان 2011، متابعة لزيارات سابقة في فبراير/شباط 2010 وفي نهاية 2010 والرصد المستمر للتطورات الذي تقوم به منظمة العفو الدولية في الفترات الواقعة بين هذه الزيارات. وكان الغرض من زيارة إبريل/نيسان جمع المزيد من المعلومات من مصادر مباشرة حول البطش المتجدد بالاحتجاجات الذي وقع في مارس/آذار، والتحري حول التقارير الخاصة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل قوات الأمن، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة والقتل خارج دائرة القانون؛ وحرمان المحتجين المجروحين من العلاج الطبي وإعاقة تزويهم بهذا العلاج؛ والاعتقالات التعسفية والإيداع في الحبس بمعزل عن العالم الخارجي؛ كما تشمل الانتهاكات حرمان المحتجزين من الوصول إلى المساعدة القانونية. وتقارير عن التعذيب وغيره من صنوف سوء المعاملة، وتقارير عن الطرد من الوظائف بناء على أسس من التمييز السياسي. وعلاوة على ذلك، سعى مندوبو منظمة العفو الدولية إلى التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي أشخاص لا يمثلون الدولة، بما في ذلك الهجمات على العمال الأجانب الوافدين في البحرين.
اجتمع مندوبو منظمة العفو الدولية، ومن بينهم خبير هولندي في شرطة النظام العام، مع المسؤولين في العديد من الوزارات كما سعوا إلى الاجتماع بكبار ضباط الشرطة والجيش المسؤولين عن إنفاذ القانون في أثناء الاحتجاجات وعن الإشراف على تدريب الشرطة، وقد وعدوا بهذه الاجتماعات بيد أنها لم تنعقد؛ وأخبرت السلطات منظمة العفو الدولية أن المعلومات حول الشرطة مثل الأوامر الصادرة لقوات الشرطة أو القوات الأمنية الأخرى والمتعلقة بالاحتجاجات أو بالتدريب المتاح لهذه القوات تعتبر من “أسرار الدولة”.
كما اجتمع مندوبو منظمة العفو الدولية أيضاً مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وأقاربهم وشهود العيان للانتهاكات، و نشطاء حقوق الإنسان وممثلي الطوائف الدينية والعرقية المختلفة والمحامين والصحافيين وأصحاب المهن الطبية وغيرهم بمن فيهم الراغبين في الشكوى من الأعطال التي سببها لهم المحتجون، وقيل إن بعضها كانت ترهيبية، وقد عبروا عن تأييدهم للإجراءات التي اتخذتها الحكومة.
وقد سبق أن أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها عن نتائج زيارتها إلى البحرين من 20 إلى 26 فبراير/شباط 2011 وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة أثناء المرحلة الأولى من بطش الحكومة بالاحتجاجات، عندما قُتل سبعة أشخاص، وأصيب كثيرون غيرهم من قبل قوات الأمن.1
احتجاجات مارس/آذار
في الفترة مابين 14 و 21 فبراير/شباط 2011، توفي سبعة محتجين في البحرين نتيجة الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن في البلاد. ما أن انسحبت قوات الجيش والأمن من دوار اللؤلؤة في 18 فبراير/شباط 2011 حتى تواصلت الاحتجاجات الكبرى ضد الحكومة. وكانت أغلبية المحتجين الساحقة من الشيعة المطالبين بإصلاحات سياسية، تشمل دستوراُ جديداً، وحكومة ينتخبها الشعب، وإصلاحات اقتصادية واجتماعية لتحقيق مساواة أكبر في توزيع الثروة وفرص التوظيف والإسكان. كما جرى أيضاً ترتيب مسيرات مؤيدة للحكومة من قبل جماعات سنية أساساً. وحتى الأسبوع الأول من مارس/آذار احتشد المحتجون ضد الحكومة، وأقاموا مخيماً في منطقة دوار اللؤلؤة بالعاصمة المنامة، غير أنهم بدؤوا في تنظيم مسيرات سلمية نحو المباني الحكومية المختلفة. وكذلك زادوا في مطالبهم، وأصبح كثير منهم ينادون علناً بإلغاء الملكية وإبدالها بنظام جمهوري. وعلى النقيض، طالبت الجمعيات السياسية السبع المسجلة قانونياً، ومن بينها “الوفاق” كبرى الجماعات السياسية الشيعية، بإقامة ملكية دستورية حقيقية واستقالة الحكومة كشرط مسبق لدخولهم في مفاوضات مع ولي العهد. وكان الملك قد كلف ولي العهد بإجراء مفاوضات بين الحكومة والمحتجين في أعقاب ما حدث من عنف في فبراير/شباط.
وفي 12 و13 مارس/آذار، نظم المحتجون المطالبون بإلغاء الملكية مسيرتين متجهتين إلى القصر الملكي في الرفاع وجامعة البحرين في مدينة حمد. وتحولت كلتاهما إلى العنف، وسط تقارير بأن مؤيدي الحكومة المسلحين بالسكاكين والعصي ينوون منع المتظاهرين من الاقتراب من القصر الملكي، واندلعت الاشتباكات بين الطرفين. وأخبر الشهود منظمة العفو الدولية أن بعض المحتجين من مؤيدي الحكومة دخلوا الجامعة وهاجموا الطلاب وقاموا بأعمال التخريب. وفي 13 مارس/آذار، ورد أن مجموعة من المحتجين ضد الحكومة هاجمت عمالاً آسيويين مهاجرين، وتسببت في وفاة ثلاثة وإصابة آخرين. كما أغلق المحتجون ضد الحكومة الطرق الرئيسية في المنامة واحتلوا منطقة الميناء المالية، محدثين فوضى كبيرة في هذه المناطق.
وفي 15 مارس/آذار، أرسلت الحكومة السعودية قوات قوامها ألف فرد إلى البحرين عبر الجسر الذي يربط بين الدولتين، وورد أن ذلك كان بناء على طلب من الحكومة البحرينية للمساعدة في حراسة المنشئات الحكومية الرئيسية في البحرين. كما أرسلت دولتان أخريان على الأقل من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي قواتها أو شرطتها لدعم السلطات البحرينية، والدولتان هما الكويت والإمارات العربية المتحدة. ولما دخلت القوات السعودية أعلن ملك البحرين حالة الطواريء لمدة ثلاثة أشهر، ومنح قوات الأمن سلطات متغولة. وفي اليوم التالي، أرسلت الحكومة قوات الأمن، مدعومة بالطائرات المروحية والدبابات، لتجتاح منطقة دوار اللؤلؤة وتجلي المحتجين عنها. ونجم عن ذلك اشتباكات قتل فيها اثنان من المحتجين واثنان من ضباط الشرطة، على الأقل، كما أصيب عشرات الأشخاص على أيدي قوات الأمن التي أبعدت المحتجين بشكل عنيف. كما اتبعت قوات الأمن نفس الطريقة في إجلاء المحتجين بالقوة عن منطقة الميناء المالية القريبة.
وفي منتصف فبراير/شباط 2011، استخدمت قوات الأمن أثناء قيامها بالأعمال المذكورة وغيرها ضد المحتجين البنادق الهوائية والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وفي بعض الحالات الذخيرة الحية، وأحياناً من مسافة قريبة، وذلك في ظروف لا يمكن فيها تبرير استخدام أسلحة مثل البنادق الهوائية والأسلحة النارية الأخرى على أساس ضرورة الاستخدام لحماية أرواح القوات أو أرواح الآخرين. لقد استخدمت هذه القوة المفرطة في المنامة، واستخدمت أيضاً، حسب المعلومات التي جمعتها منظمة العفو الدولية، في سترة ونويضرات والمعامير. وأخبر الشهود منظمة العفو الدولية بأن الجنود و قوات الأمن الأخرى أطلقوا الغاز المسيل للدموع على الناس قرب مدخل مركز سترة الطبي، وعلى مجمع السلمانية الطبي، حيث ألقي القبض أيضاً على بعض المحتجين ومن بينهم مصابين يتلقون العلاج الطبي، واقتيدوا إلى الاحتجاز. كما زُعم أن قوات الأمن طوقت مجمع السلمانية الطبي ومنعت المحتجين المصابين من تلقي العلاج به. إلا أن مصادر أخرى تزعم أن بعض أفراد الطاقم الطبي رفضوا معالجة عمالاً آسيويين مصابين؛ بينما تصر الحكومة على أن قواتها سيطرت على مجمع السلمانية الطبي؛ لأن المحتجين كانوا يتخذونه قاعدة لهم، وأن كثيراُ منهم قد خيموا في مكان انتظار السيارات؛ لكنهم كانوا قادرين على دخول العنابر الطبية ومغادرتها كلما شاءوا. والواضح، رغم التقارير المتضاربة، أن كلا من قوات الأمن وبعض المحتجين المعارضين قد استهانوا بحيادية المجمع الطبي.
ولما سيطر الجيش و قوات الأمن على دوار اللؤلؤة و منطقة الميناء المالية و مجمع السلمانية الطبي، بدأت عملية مخططة ومنسقة لمداهمة القادة السياسيين للطائفة الشيعية، وزعمائها ونشطائها، الذين برزوا في قيادة الاحتجاجات وجاهروا على الملأ بانتقاد أفراد الأسرة المالكة، والمطالبة بتغيير الحكومة أثناء الاحتجاجات التي جرت في دوار اللؤلؤة أو المظاهرات والمسيرات الأخرى. كما أن حواجز الجيش والشرطة قد أقيمت عند نقاط الدخول والخروج بالقرى والبلدات ذات الأغلبية الشيعية. وألقي القبض على مئات الأشخاص؛ كما اختبأ آخرون تجنباً للاعتقال. وذكر أفراد الطائفة الشيعية الذين تحدثوا إلى منظمة العفو الدولية أنهم لا يفهمون لماذا تعاملت قوات الأمن بهذه القسوة، وعلقوا بأن هذا سوف يدفع اتجاهات الاستقطاب بين الطائفتين الشيعية والسنية إلى مستوى خطير.
حالة السلامة الوطنية (الطوارئ)
منذ 15 مارس/آذار، أصبحت البحرين تحت حالة السلامة الوطنية (الطوارئ). وقد فرضت حالة السلامة الوطنية ابتداءً لمدة ثلاثة شهور، لكنها قد تمدد بموافقة من المجلس الوطني. وباستخدام سلطاتها بموجب حالة السلامة الوطنية فرضت الحكومة حظر التجول في مناطق محددة من الرابعة مساء إلى الرابعة صباحاً بادئ ذي بدء، ثم خفضته ليصبح من الحادية عشرة مساء إلى الرابعة صباحاً. والتدابير الخاصة بحالة السلامة الوطنية فضفاضة وغامضة، ولا تحتوي على ضمانات صريحة لحقوق الإنسان. وهي تزود الجيش و قوات الأمن بسلطات كاسحة تسمح لها بحظر كافة الاجتماعات العامة التي ترى أنها تضر بالأمن القومي؛ ومنع الأفراد من السفر خارج البحرين إذا رأت في ذلك المنع مصلحة عامة؛ وأن تفتش الأماكن والأفراد المشتبه في مخالفتهم لقوانين حالة السلامة الوطنية، والترحيل العاجل للمواطنين الأجانب ممن تعتبرهم يشكلون خطراً على الأمن القومي. وتسمح حالة السلامة الوطنية للسلطات كذلك بإغلاق المنظمات غير الحكومية والنقابات والأندية الاجتماعية والجمعيات السياسية؛ إذا اعتقد أنها تقوم بنشاطات تعتبر ضارة بالأمن القومي، بما في ذلك ” التواطؤ” مع دولة أجنبية. وعلاوة على ذلك، فإن أي مادة منشورة أو مذاعة تحتوي معلومات مضرة بالأمن القومي أو تشكك في النظام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي للبحرين، يتم الاستيلاء عليها أو مصادرتها.
وبالإضافة إلى هذه السلطات، تنص حالة السلامة الوطنية على أن القوات المسلحة، و قوات الأمن، قد تلقي القبض على أي شخص ترى أنه يشكل خطراً على الأمن القومي، وأن تسحب الجنسية من أي بحريني ترى أنه يشكل خطراً على الأمن القومي، وتعتقله أو تطرده من البلاد. وقد أنشأت حالة السلامة الوطنية محكمة خاصة ومحكمة استئناف – وهما محكمة ”حالة السلامة الوطنية” الابتدائية و محكمة استئناف “حالة السلامة الوطنية” – لمحاكمة الأشخاص الخارجين على القانون؛ وتسيّر المحكمتان إجراءاتهما وفقاً للمواد الواردة في القانون البحريني المتعلقة بالتحريات والأدلة وإجراءات المحاكمة والنطق بالأحكام، لكن لم يذكر شيء عن ضمانات حقوق الإنسان للمحتجزين بموجب حالة السلامة الوطنية، بما في ذلك تحديد المدة التي يمكن أن يحتجز فيها الشخص قبل تقديمه للمحاكمة. ولا يمكن الاستئناف ضد الأحكام النهائية لهذه المحاكم الخاصة في محاكم البحرين العادية.
الاعتقالات التعسفية على نطاق واسع:
ألقي القبض على أكثر من 500 شخص في الشهر الماضي. والأغلبية الساحقة من الشيعة الذين نشطوا أثناء الاحتجاجات، ومن بينهم كثير ممن طالبوا بتغيير النظام السياسي. وفي جميع الحالات تقريباً ظلت أماكن وجودهم غير معروفة رغم مرور أسابيع على اعتقالهم، وترفض الحكومة إفشاء هذه المعلومات إلى أسرهم أو محاميهم أو السماح لهم، في معظم الحالات، بأي اتصالات أو زيارات مثيرة بذلك قلقاً عظيماً حول سلامة المحتجزين وصلاح معيشتهم.
وروى أفراد الأسر الذين كانوا موجودين عندما اعتقل أقرباؤهم لمنظمة العفو الدولية عن نمط شائع لسلوك قوات الأمن، إذ تأتي مجموعات من الجنود ومسؤولي الأمن في عدد من السيارات إلى منازلهم في الساعات الأولى من الصباح، وتقتحم المنزل وتحطم الأبواب دون أن تظهر أي أوامر بالاعتقال. وغالباً ما يكون بعض الضباط الذين يقومون بالاعتقال ملثمين أو مرتدين أقنعة ويلبسون ملابس مدنية، بينما يرتدي الآخرون زي الشرطة أو الجيش. وبالطبع كانوا عدوانيين للغاية وعاملوا من اعتقلوهم معاملة خشنة، ووجهوا له السباب واعتدوا عليهم أمام أقربائهم، وأحياناً كانوا يعتدون على أقرباءهم الحاضرين أيضاً ويسبونهم. وقاموا بالتفتيش، واستولوا على ممتلكات شخصية مثل الحاسوب الخفيف (اللاب توب) وغيره من الحواسيب، والهاتف الجوال، بل واستولوا على نقود ولم يقدموا أي إيصالات بما أخذوه. كما لم يذكروا المكان الذي سيأخذون إليه المحتجزين. وقد شكت الأسر من أنهم لم يستطيعوا الحصول من السلطات البحرينية على أي معلومات عندما سألوا عنهم عقب ذلك في مراكز الشرطة، ومكتب المدعي العام ومقر قيادة المباحث الجنائية.
وسُمح لقليل من المحتجزين بعمل مكالمة هاتفية واحدة مع أسرهم من مراكز الشرطة التي احتجزوا فيها ابتداءً، لكن المحادثات كانت مراقبة، ولم يسمح للمحتجزين سوى أن يقولوا أنهم بخير وأن يطلبوا إحضار ملابس لهم. ولما أخذ أقرباؤهم هذه الملابس إلى مراكز الشرطة طُلِب منهم تسليمها للشرطة، لكن لم يسمح لهم برؤية أقاربهم المحتجزين.
وقد أحيل ستة من المحتجزين على الأقل، كلهم زعماء معارضة بارزون، إلى المدعي العسكري، وورد أنه جرى استجوابهم في حضور محاميهم فيما يتعلق بدورهم في الاحتجاجات. والستة هم: حسن مشيمع، زعيم حركة الحق، وهي جماعة معارضة سياسية شيعية غير مرخص لها؛ وعبد الوهاب حسين، زعيم جماعة الوفاء، وهي جماعة شيعية سياسية أخرى معارضة وغير مرخص لها كذلك؛ وعبد الجليل سنكيس عضو قيادي في حركة الحق، سبق اعتقاله مع 22 آخرين من القياديين الشيعيين من أغسطس/آب 2010 إلى فبراير/شباط 2011 ثم أفرج عنه بأمر ملكي بعد البطش بالدورة الأولى من الاحتجاجات؛ وعبد الهادي مخوضر عضو بارز في الوفاء؛ والشيخ سعيد نوري، زعيم ديني؛ وإبراهيم شريف، زعيم جماعة المعارضة السياسية العلمانية “وعد”. واتهمت هذه الشخصيات المعارضة، فيما يبدو، بمحاولة السعي للإطاحة بالنظام السياسي الحالي والتواطؤ مع قوة أجنبية لم يذكر اسمها، يفترض عامة أنها إيران. غير أن منظمة العفو الدولية لم تعرف تفاصيل أي تهم محددة، وقد فرض المدعي العسكري حظراً إعلامياً على تغطية أي التحقيقات الجارية. ومن بين المعتقلين الآخرين العديد من الأطباء والممرضين، أكثرهم من مجمع السلمانية الطبي. والآسباب الدقيقة وراء اعتقالهم غير معروفة، لكن يبدو أنهم استهدفوا لتأييدهم المزعوم للاحتجاجات والمحتجين الذين تجمهروا في مكان انتظار السيارات في المجمع الطبي. والدكتور عبد الخالق العريبي، 39 عاماً، طبيب أخصائي في مجمع سلمانية الطبي، ألقي القبض عليه في منزله في قرية المعامير الساعة الرابعة صباحاً اليوم الأول من أبريل/نيسان. لم تبح السلطات لأسرته بمكان احتجازه ولا بسبب الاحتجاز.
وقد احتجزت 18 امرأة على الأقل فيما يتعلق بالاحتجاجات. ومن بينهن طبيبات وممرضات ومدرسات. وتم استدعاء رولا الصفار الأستاذة المساعدة في كلية البحرين للعلوم الصحية للتحقيق معها في مبنى المباحث الجنائية بحي العدلية بالمنامة في 4 أبريل/نيسان؛ وقد ذهبت ومنذ ذلك الحين لم يتم أي اتصال بينها وبين أسرتها كما لا تعرف الأسرة شيئا عن مكان وجودها. وجليلة العلي، 51 عاماً، أخصائية طبية في مجمع السلمانية الطبي، ألقي عليها القبض في 4 أبريل/نيسان. في الساعة الثامنة مساء تلقت مكالمة هاتفية من شخص أخبرها بسرعة التوجه إلى مقر إدارة المباحث الجنائية. وذهبت هناك على الفور، لكنها اختفت كذلك منذ ذلك الحين؛ ولم تسمع أسرتها منها ومكان وجودها ولا يعلمون عنه شيئا. وهناك مخاوف على سلامتها وسلامة المعتقلات الأخريات اللاتي يحتجزن في حجز بمعزل عن العالم الخارجي في أماكن غير معروفة – كما أن هناك بواعث قلق إزاء ظروف عرفت من أماكن مماثلة تيسر التعذيب والانتهاكات الخطيرة الأخرى للمعتقلين.
إن قوانين حالة السلامة الوطنية والوسائل التي تطبق بها خاصة عند إلقاء القبض، والاحتجاز ومعاملة الأشخاص تتعارض تعارضاً مباشراً مع التزامات البحرين باعتبارها من الدول الأعضاء في اتفاقيات حقوق الإنسان، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويبدو أيضاً أنها تتعارض مع مواد موجودة في القوانين البحرينية، بما في ذلك الدستور، والقانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية. فعلى سبيل المثال المادة 20 (ج) من الدستور تنص على أن ” المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تُكفل له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حقه في الدفاع في كل مراحل الاستجواب والمحاكمة وفقا للقانون”. كما أن الدستور والقانون الجنائي يحَرِّمان استخدام التعذيب.
ومنظمة العفو الدولية تعتبر بعض هؤلاء المعتقلين سجناء رأي، تم سجنهم لمجرد قيامهم بممارسة مشروعة لحرية التعبير أو غير ذلك من حقوق الإنسان. والمنظمة تحث الحكومة البحرينية على إطلاق سراح جميع سجناء الرأي فوراً ودون أي قيد أو شرط، وأن تتكفل بإطلاق سراح جميع المحتجزين الآخرين ما لم توجه إليهم تهم جنائية محددة، ويحاكمون وفقاً للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة ودون توقيع عقوبة الإعدام.
وعلى السلطات البحرينية أن تعلن فوراً عن أماكن جميع من جرى احتجازهم مؤخراً، وتسمح لهم بالاتصال السريع والمنتظم مع محاميهم وأسرهم، وتتكفل بتمكينهم من الحصول على العلاج الطبي الضروري وتلقيهم إياه. ويجب محاسبة أي شخص من قوات الأمن أو غيرهم من المسؤولين عن انتهاكات الحقوق الإنسانية للمحتجزين، وإبعاده فوراً عن منصبه الذي قد يستمر من خلاله في ارتكاب هذه الانتهاكات في حق المحتجزين.
التعذيب وصنوف أخرى من سوء المعاملة والوفيات في أماكن الاحتجاز
إن المداهمات والاعتقالات المتجددة لنشطاء المعارضة قد صاحبتها زيادة مزعجة في التقارير حول التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة للأشخاص المحتجزين لصلتهم بالاحتجاجات. وشملت طرق التعذيب اللكمات، والركل بالأحذية الثقيلة، والضرب بهراوات خشبية وفي بعض الحالات استخدام الصدمات الكهربائية. وقد اعتقل حامد سيد (الاسم الحقيقي احتفظنا به)، 31 عاماً من قرية شيعية، في مجمع السلمانية الطبي في نهاية مارس/آذار. وبعد الإفراج عنه أخبر منظمة العفو الدولية بما يلي:
” … دخل 10 أشخاص يرتدون ملابس الشرطة والجيش غرفة الرضاعة وكنت وحدي في الغرفة فضربوني وركلوني. وبعدها على الفور اقتادوني إلى مركز الشرطة في القرية …. دون أن يوضحوا لي سبب أخذهم إياي. ولما صرنا هناك وضعوني في وسط حجرة، معصوب العينين وأخذ عدد من الرجال، لا أعرف كم كانوا، يضربونني ثم عرضوني للصدمات الكهربائية في ساقي الاثنتين. آلمتني الصدمات ألماً كثيراً لدرجة أنني سقطت على الأرض بعد الصدمة الأولى لأنني لم أشعر بساقي. وما أن أصبحت على الأرض ضربوني وركلوني في رأسي وجسدي. ضربوني ضرباً شديداً لدرجة أنني مازلت الآن غير قادر على الرؤية بإحدى عيني. وسحبوني وكرروا نفس الطريقة مرتين [ صدمات كهربائية على الساق]. وبينما كانوا يضربوني أهانوني. أمروني أن أعترف بأن العاملين الطبيين كانوا يخفون الأسلحة في سيارات الإسعاف، وأنني أخذت أسلحة وأخفيتها في سقف المستشفى. قلت إنني لا أعرف شيئاً وواصلوا ضربي. استمروا لمدة 30 دقيقة. وتركوني على الأرض، وبعد 30 دقيقة ، ربما، عاد أحد ضباط الشرطة وأخبرني بأنه لو سألني أحد عما بي من علامات علي أن أجيب بأنني وقعت. وحضر إلى الغرفة ضابط آخر أعلى رتبة من الأول ورآني على الأرض وسمعته يسأل الآخرين عما حدث وما كل هذه الدماء؛ وسمعت الآخرين يقولون إنهم لا يعرفون. أخذني إلى غرفة، وأعطاني ماء وسألني كم مرة ذهبت إلى الدوار، وبقيت صامتاً. ثم جعلني أذهب وأمرني ألا أقول إنني ضربت….”
ومن المعروف أن أربعة معتقلين على الأقل قد ماتوا في الحجز في ظروف مريبة.
حسن جاسم محمد مكي، 39 عاماً، متزوج وله أطفال، من كرزكان، ألقي القبض عليه في بيته في ساعة مبكرة يوم 28 مارس/آذار. واحتجز بادئ ذي بدء في مركز الشرطة بمدينة حمد ثم نقل إلى إدارة المباحث الجنائية في 29 مارس/آذار. وفي 3 أبريل/نيسان، اتصلت إدارة المباحث الجنائية بأسرته، وطلبت منهم الذهاب إلى مجمع السلمانية الطبي. وقد ذهب أبوه واثنان من إخوته، وعندما وصلوا أخذهم ضباط جيش إلى المشرحة. وكشفوا عن رأس شخص متوفى مسجي هناك، وسألوا الأسرة إذا كان بإمكانهم التأكيد بأن هذه جثة حسن. أصيب الوالد والأخوان بصدمة لكنهم أكدوا بأنه حسن. وأجبر الوالد على توقيع شهادة وفاة؛ كانت بتاريخ 3 أبريل/نيسان، وتذكر سبب الوفاة أنه “اضطرابات في القلب”. ولم يُعرف أن السلطات قد أجرت أي تشريح للجثة للوصول إلى هذا التحديد لسبب الوفاة. ثم أخذت الجثة إلى بيت الأسرة في كرزكان لدفنها؛ وعندما كشفت الجثة كاملة استعداداً لغسلها قبل دفنها، لاحظت الأسرة علامات ضرب ورضوض حول العنق، والساقين والرأس. ومع ذلك قالوا إنهم لم يسألوا السلطات عن هذه الإصابات وكيف حدثت، كما لم يتقدموا بأي شكوى خوفاً من انتقام قوات الأمن.
عبد الكريم الفخراوي ، 49 عاماً، رجل أعمال وعضو في الوفاق أكبر الجمعيات السياسية الشيعية، توفي في حجز الشرطة يوم 12 أبريل/نيسان. وطبقاً لتقارير فإن جسمه حمل علامات التعذيب، لكن السلطات عزت وفاته إلى فشل كلوي.
علي عيسى إبراهيم الصقر، ذكرت وزارة الداخلية في 9 أبريل/نيسان أنه توفي داخل الحجز. وكان قد ألقي القبض عليه قبل ذلك بستة أيام في مدينة حمد عندما ذهب إلى مركز الشرطة بعد استدعائه، حسبما ورد، للتحقيق فيما يتعلق بمقتل ضابط شرطة أثناء احتجاجات شهر مارس/آذار. وقالت الوزارة إن علي عيسى إبراهيم الصقر قد توفي داخل الحجز بينما كانت الشرطة تحاول تقييده. وعند إعادة جثته لأسرته لدفنه يقال إنها كانت بها علامات واضحة توحي بأنه ربما عُذب. وليس من المعروف إجراء تشريح للجثة أو تحقيق رسمي في وفاته إلى يومنا.
كما أعلنت وزارة الداخلية في 9 أبريل/نيسان عن وفاة شخص رابع في الحجز وهو زكريا رشيد حسن العشيري. ويقال إنه قد ألقي القبض عليه في منزله في الدير يوم 2 أبريل/نيسان. وعزت الوزارة وفاته إلى ضعف صحته، لكن في هذه الحالة أيضاً ورد أنه عند دفنه وجدت بجثته علامات تشير إلى أنه ربما قد عُذب.
إن الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان مثل اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب والتي صادقت عليها البحرين والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك القوانين البحرينية تمنع استخدام التعذيب. ومنظمة العفو الدولية تهيب بالحكومة البحرينية أن تجري على الفور تحقيقاً مستقلاً ونزيهاً في الوفيات داخل الحجز التي حدثت وفي كافة المزاعم حول تعذيب المحتجزين وتعرضهم لغيره من صنوف المعاملة السيئة، وأن تقدم للعدالة أي فرد من القوات العسكرية أو الأمنية أوغير ذلك من المسؤولين الرسميين مهما كانت درجته، وكان مسؤولاً عن تعذيب المحتجزين أو إهانتهم.
طرد العاملين بسبب احتجاجهم
تم طرد مئات الأشخاص الذين اشتركوا في الاحتجاجات من أعمالهم في دوائر الحكومة ومؤسسات الدولة والشركات الخاصة، ومن بينهم أساتذة الجامعات ومدرسو المدارس والأطباء والممرضون. ولم يتلق كثير من العمال أجورهم عن شهر مارس/آذار. وكان تبرير هذا الطرد الذي قيل عامة هو أن الموظفين قد خالفوا شروط توظيفهم عندما اشتركوا في الاحتجاجات، لكن على ما يبدو أن الحكومة، من الناحية العملية، تريد إرسال إشارة واضحة بأن العواقب ستكون وخيمة لكل من ينزل إلى الشارع مطالباً بالتغيير، في أرزاقهم وأرزاق عائلاتهم. وفي 12 أبريل/نيسان، ذكرت جريدة الوسط أن وزارة التعليم قد فصلت 115 من العاملين، بينما فصلت شركة ألومنيوم البحرين 165 عاملاً، وأنهت شركة بترول البحرين خدمات 190 عاملاً، كما فصلت شركة اتصالات البحرين 85 موظفاً، وأنهت طيران الخليج عمل 15 من طاقمها.
وذكر أحد العاملين الطبيين لمنظمة العفو الدولية أن السلطات قد حجبت عنه راتبه لشهر مارس/آذار، مثلما فعلت مع آخرين في الطاقم الطبي، فيما يفسره بمحاولة إرغامهم على التزام الطاعة عن طريق التجويع، كما ذكر أنه قد تم إيقافه عن عمله: ” أنا موقف الآن عن العمل لأنه تم استجوابي في 6 أبريل/نيسان لاشتراكي في الاحتجاجات… اتهموني وكثير من طاقم العاملين فالبقاء يومياً في المستشفى والتفاهم مع المحتجين خطأ حسبما يرون. وسألوني أذا كنت قد ذهبت إلى دوار اللؤلؤة وقلت إنني ذهبت إلى خيمة طبية كمتطوع بدوافع إنسانية لكنهم قالوا إن هؤلاء المحتجين لا يجب مساعدتهم طبياً. كل زملائي وأصدقائي الأطباء أما موقفون أو ألقي القبض عليهم، خاصة أولئك الذين شهدوا الأحداث. أنا الآن مختبئ في شقتي متوقعا أن يقبض عليّ في أي وقت.”
الخلاصة
إن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين قد أصابها تدهور واضح في الأسابيع الأخيرة. وبدا هذا واضحاً وملموساً أثناء أحدث زيارات منظمة العفو الدولية لتقصي الحقائق، والتي أعقبت زيارة سابقة في فبراير/شباط. لقد لجأت الحكومة إلى استخدام القوة المفرطة مجدداً لإخماد الاحتجاجات، وأدى إعلانها حالة السلامة الوطنية وما تحمله من سلطات غير عادية واستخدام هذه السلطات في القبض على المئات، من ناشطي الشيعة ومحتجيها أساساً، وحبسهم انفرادياً إلى تفاقم التوتر بين الطائفتين الشيعية والسنية ووضع البحرين على مسار منحدر يبعث على القلق الشديد. ولذا، فثمة حاجة ملحة الآن لأن تعكس الحكومة البحرينية هذا التوجه وتعطي أولوية متجددة وأكبر لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويجب ألا تخفق في هذا الاختبار.
وفي الوقت ذاته، هناك حاجة إلى المزيد والمزيد من العمل من جانب حكومات أمريكا الشمالية وأوربا التي احتفظت طويلا بعلاقات حميمة مع المملكة دبلوماسية وتجارية وغير ذلك، وقد تحدثت هذه الحكومات متبنية قضية حقوق الإنسان خلال الاضطرابات الحالية في ليبيا وفي أثناء الاحتجاجات المؤخرة في تونس ومصر بصوت أعلى كثيراً مما تفعله الآن إزاء البحرين. وبالنسبة لكثيرين في العالم العربي، يبدو هذا كمثال آخر على الانتقائية السياسية، وعندما يتعلق الأمر بتقدم حقوق الإنسان على أيدي هذه الدول ينبغي عليها أن تعمل وتعمل بسرعة لإزالة هذه الفكرة ولكن في الأساس لتذكر السلطات البحرينية بالتزاماتها نحو التمسك بحقوق الإنسان واحترامها، بما في ذلك الحق في الاحتجاج السلمي، وتضمن المحاسبة على القتل الخارج على القانون والتعذيب و انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التي ارتكبتها قواتها أو قوات الدول الأخرى التي تعاونها حالياً.