البحريـن
الوضع السياسي:
البحريـن
الوضع السياسي:
إن المراجعة التي قامت بها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بعد إجتماع “المراجعة الدورية الشاملة” الذي مراجعة ملف البحرين في شهر أبريل/نيسان 2008 قد وفرت فرصة للمنظمات غير الحكومية لبدء حوار عام حول وضع حقوق الإنسان في هذه البلاد، لاسيّما في مسألة التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة، فضلاً عن التمييز المنهجي ضد الغالبية الشيعية في البلاد.
أطلقت الحكومة في شهر مايو/أيار 2008 خطة عمل مع ممثل المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة حيث قال وزير الخارجية أن بلاده ملتزمة بإنشاء مؤسسة وطنية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان والتي من المقرر أن تبدأ عملها في شهر يناير/ كانون الثاني 2009، مع ذلك ومنذ ذلك التصريح قد قامت العديد من المنظمات غير الحكومية في البحرين بتذكير السلطات مراراً بأن المؤسسة الوطنية يجب أن تتوافق مع (مبادئ باريس)( ).
بالإضافة بينما وافق مجلس الشورى (المجلس الأعلى في البرلمان) على قانون يلغي العقوبات الجنائية عن جرائم الصحافة) ( لم تكن الحكومة حتى أواخر العام 2008 قد تقدمت به بعد إلى المجلس الوطني. لذلك فإن حرية الصحافة تواجه تهديداً خطيراً. في 28 و29 يونيو/حزيران على سبيل المثال أعتقلت الشرطة 6 صحافيين بما فيهم 3 يعملون لحساب الجمعية السياسية (الوفاق) و3 آخرين يعملون في الموقع الإلكتروني أوال . وبالمثل, جرى اعتقال السيد (عبدالله بو حسن) وهو عضو في جمعية العمل الوطني بتاريخ 18 يونيو/حزيران 2008 بتهمة «التحريض على الكراهية وشتم النظام»، وذلك بعد نشره مقالاً انتقد فيه سياسات الحكومة وندّد بممارستها العنصرية( ).
عوائق جديدة لحرية التعبير.
من المرجح أيضاً نشوء حواجز جديدة لحرية التعبير بعد نشر بيان صحافي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، دعا فيه وزير الداخلية إلى التشدد في تطبيق المواد (134) و(134-1) من قانون العقوبات ضد كلّ مَن «يشارك في اجتماعات في الخارج أو مع المنظمات الدولية للبحث في الشؤون الداخلية للمملكة»( ) . تشير هذه المادة إلى أن «كل مواطن يشارك في الخارج ومن دون إذن الحكومة، في مؤتمر أو حلقة دراسية تتعلق بالشأن السياسي، الإقتصادي والإجتماعي في البحرين، من شأنها او من المحتمل أن تؤثّر على الثقة الإقتصادية في البلاد وعلاقاتها الدبلوماسية وهيبتها، يخضع لعقوبة السجن لمدة 13 شهر على الأقل ودفع غرامة مالية». إن هذه القوانين، التي تعود إلى العام 1976 عندما فرضت حالة الطوارئ في البحرين، تعتبر سالبة للحرية وفقا لمعظم منظمات حقوق الإنسان والتي تطالب بصياغة قانون جديد للعقوبات.
عوائق إدارية وتشريعية وقضائية لحرية تكوين الجمعيات
لم تكن حرية تكوين الجمعيات مضمونة بعد، في العام 2008، بما أن القانون رقم 21 للعام 1989 المنظٌم لجمعيات المجتمع المدني يتطلب الموافقة المسبقة لتأسيس أى جمعيٌة مع العلم إن عم رد السلطات يعني رفض الطلب وهكذا، لا يزال العديد من المنظمات غير الحكومية، وحتى نهاية العام 2008، مثل اللجنة الوطنية للعاطلين عن العمل وجمعية الشباب البحريني لحقوق الإنسان(BYSHR) في انتظار رد الحكومة على طلب الترخيص الذي تقدموا به. وبالمثل, لقد تم إغلاق مركز البحرين لحقوق الإنسان في سبتمبر 2004 ولم يعيد أفتتاحع حتى نهاية عام 2008, فمن الواضح إن هذه المنظمات الغير حكومية تعمل تحت تهديد دائم بالإغلاق ومن المرجح أن يتعرض مؤسسيها إلى أعمال الثأر والإنتقام في ظل الإفتقار إلى الاعتراف القانوني. مثلاً، إن السيد (محمد عبد النبي المسقط)، رئيس BYSHR( )، متهم بقضية عقوبتها السجن لمدة 6 أشهر في العام 2008 وغرامة مالية قدرها 500 دينار (حوالي 1040 يورو) وهي تهمة «تفعيل جمعية غير مسجّلة دون إخطار مسبق عن شهادة التسجيل» وهو ينتظر منذ العام 2005 من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تعطيه الإذن بالتسجيل. كان من المفترض أن تبدأ محاكمته بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2009.
العقبات الإدارية والقانونية لحرية التجمع السلمي، والأعمال الانتقامية ضد المدافعين الذين يشاركون في التظاهرات.
ينص القانون رقم 32 من العام 2006 عن التجمعات العامة ، على ضرورة الإخطار عن الأحداث والتجمعات العامة، مع ذلك، وبالنظر إلى طبيعة وهدف التجمع، يتم تحديد مدى أهمية وجود عناصر إنفاذ القانون تبعاً لما ينص عليه القانون، وهذا من مسؤولية وزير السلامة العامة. بالإضافة ، يحظّر القانون أي تجمّع ما بين غروب الشمس وشروقها، وأي خطبة أو تعليق من المرجح أن تخل بالنظام العام، أو الأخلاق دون تحديد مغزى هذين المفهومين. في شهر سبتمبر/أيلول 2008، صدر قرارين عن ديوان الخدمة المدنية (CSB) يعززان هذه القيود على حرية التجمع السلمي، ومحظرين على الطلاب وعناصر الحكومة، تحت طائلة فرض العقوبات، أن يشاركوا في التجمعات غير المرخص بها.
في العام 2008، كانت الأحداث التي لم يبلغ عنها قبل إنعقادها أو التي وقعت بعد غروب الشمس عرضة للقمع العنيف من قوات الشرطة التي لجأت لإستخدام الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين وإطلاق الرصاص المطاط عليهم. حُكِم على العديد من مدافعي حقوق الإنسان الذين اعتقلوا في هذه التظاهرات بعقوبات سجن قاسية. وهكذا، في الفترة الواقعة بين 25 و28 ديسمبر 2007، تم اعتقال 60 ناشط شاباً من جانب القوات الأمنية في أعقاب مشاركتهم في مظاهرة كانت وقعت بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2007 في (سنابيس) غرب (المنامة) حينما كانوا يطالبون بضمان العدالة والتعويض لضحايا التعذيب. اتهموا هؤلاء الشباب بالتورط في «تجمّع غير مشروع» و«سرقة وحيازة أسلحة وذخيرة غير مرخّص بها». أنكر جميع هؤلاء المعتقلين قيامهم بأي أعمال عنف وحيازة السلاح. أبلغ بعض المدافعين عن حقوق الإنسان أيضاً عن الإعتداء المستمر الذي تعرضوا له طوال فترة احتجازهم، حيث احتجز العديد منهم في الإنفرادي، مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين لفترات طويلة. اشتكى البعض أيضاً من سوء المعاملة والتعذيب الذي تعرضوا له على أيدي مكتب التحقيق الجنائي (CIB) لإرغامهم على الإعتراف( ) بتاريخ 14 يوليو/تموز 2008، تمت إدانة خمسة منهم من جانب محكمة الدرجة الأولى في البحرين وحكم عليهم بعقوبات تتراوح من 5 إلى 7 سنوات سجن وهؤلاء الخمسة هم السادة (حسن عبد النبي) و(هيثم بدر الشيخ)، وهم أعضاء في لجنة العاطلين عن العمل (UUC)، (ناجي الفتيل)، وهو عضو في BYSHR، (محمد عبد الله الشيخ) وهو مؤسس لجنة مكافحة غلاء الأسعار (CCMP) والسيد (عيسى السرح) وهو عضو الهيئة السياسية (أمل). تم تقديم استئناف ضد هذه القرارات ولكنه رفض بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 2008.
القيود التشريعية على الحقوق النقابية وأعمال الترهيب ضد النقابيين .
طبقاً للقانون رقم 33 من العام 2002 بشأن النقابات العمالية، تكتسب النقابة العمالية الشخصية القانونية بعد تقديم نظامها التأسيسي إلى وزارة العمل. غير أن هنالك قرار إداري صادر عن مكتب الخدمة الإدارية CSB يحظر على موظفي القطاع العام تشكيل اتحادات أو نقابات مستقلة. إن النقابات العمالية الستة القائمة في القطاع العام هي ايضاً محظورة من السلطات، على الرغم من اعتراف الإتحاد العام لنقابات عمال البحرين GFBTU بها وهي هيئة مستقلة.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال من الصعب على النقابات أن تدافع عن حقوق العمال دون انتقام من أرباب العمل. على سبيل المثال قد تعرضت السيدة (نجية عبد الغفّار) للكثير من فترات التعليق عن العمل والراتب، وذلك منذ تعيينها نائبة رئيس نقابة البريد في العام 2003. كان قد تم استدعاؤها من جانب لجنة تحقيق لإرغامها على التخلي عن منصبها الوظيفي، وذلك بتاريخ 30 مارس/آذار 2008. ومن المرجح أن أعمال الترهيب هذه كانت ردّاً على رسالة مرسلة إلى وزير الشؤون الاجتماعية في العام 2003 وبيان إلى الصحافة في شهر يوليو/تموز 2006، حيث تشكو فيه وتندّد بظروف العمل السيئة لعمال البريد. قدمت السيدة (ناجية عبد الغفار) شكوى ضد القرارات المتخدة في حقها ولكن بتاريخ 30 ديسمبر/كانون الأول 2008 رفضت المحكمة شكواها وأيٌدت قرار ديوان الخدمة المدنية (CSB). بالمثل، أقيل السيد (عباس العمران) من منصبه في شهر سبتمبر/أيلول 2008، وهو عضو في نقابة عمال شركة النفط في البحرين وعضو في (بابكو) BCHR، لأنه وفي العام 2006، كان قد أبلّغ عَن أعمال فساد وقعت داخل الشركة واستنكرها، بعد ذلك تعرض للمضايقة الشديدة في مناسبات كثيرة وطُلب منه في حينها ألا يتواصل مع الإعلام أبداً حتى تمت إقالته من العمل.( )
حملات تشويه ومضايقة للمدافعين الذين يدينون التمييز ضد الشيعة
بدأت في العام 2008 حملات التشويه ضد المدافعين الذين يشجبون التمييز الذي تعاني منه الطائفة الشيعية. على سبيل المثال، بتاريخ 16 أكتوبر/تشرين الاول 2008، اتٌهم النواب البرلمانيون والصحافيين السيد (نبيل رجب) وهو رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان(BCHR) والسيد (العبد الجليل السينغس) مدير مكتب حقوق الإنسان لحركة (الحق) ، والسيدة (مريم الخواجة) رئيسة سابقة لجمعية الدولية لطلاب العلوم الإقتصادية والتجارية (IESEC) بأنهم «خونة» و«رهائن للولايات المتحدة الأميركية( )». ونتجت هذه الإتهامات عن مشاركتهم في ندوة في واشنطن بتاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول 2008 نظمتها اللجان القائمة في الكونغرس في الولايات المتحدة حول «أثر الإصلاح السياسي على الحرية الدينية في البحرين». مماثلة، بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 2008، عندما جرى بثٌ اعترافات لأشخاص مشتبه بهم بالإرهاب على قناة فضائية حكومية هي «فضائية البحرين»، تمٌ ذكر أسماء العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بتهمة «التحريض على أعمال العنف»( ) بما فيهم السيد (عبد الهادي الخواجة) رئيس مجلس الإدارة السابقة في (BCHR) ومنسٌق الحماية في «الخط الأمامي» (FRONT Line)، تعرضت عائلات المدافعين عن حقوق الإنسان أيضاً للمضايقة مثل زوجة السيد (نبيل رجب) التي تلقت تهديدات بواسطة البريد العادي والبريد الالكتروني والهاتف.
قيود على حرية تنقل المدافعين عن حقوق الإنسان
في العام 2008، عانى المزيد من المدافعين عن حقوق الإنسان من القيود على حرية تنقلهم، سواء داخل أو خارج البحرين وخلال دخولهم إلى بلاد ثالثة. بتاريخ 2 ديسمبر/كانون الأول 2008، تم منع السيد (عبد الغني خنجر)، وهو الناطق باسم اللجنة البحرينية الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب، من دخول دولة (قطر) حين كان في مطار (الدوحة). إن هذا الحظر في السفر مرتبط بوجود لائحة بأسماء «الناشطين السياسيين» صادرة عن وزارة الداخلية ومرسلة إلى دول مجلس التعاون الخليجي والدول الحليفة الأخرى للبحرين مثل مصر والأردن، من أجل تشجيعهم على رفض دخول أناس يدافعون عن حقوق الإنسان في البحرين( ) إلى أراضيهم. وُضعت هذه اللائحة أثناء حالة قانون الطوارئ (1975- 2002) ولا زالت موجودة حتى اليوم ويتم تحديثها بانتظام. اختبر العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين، مثل السيد (محمد مجيد الجشّي)، وهو محام يعمل على بعض الملفات في BCHR، والسيد (نبيل رجب) بعض الحواجز والقيود المفروضة على حرية انتقالهم في العام 2008. في شهري أغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول، على سبيل المثال، حين تمٌ اعتراضه في المطار وقامت السلطات الأمنية الأردنية باستجوابه وهو في طريقه إلى عمّان.( )