مركز البحرين لحقوق الإنسان – جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان 15-7-2009
مركز البحرين لحقوق الإنسان – جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان
15-7-2009
في تحد فاضح لضحاياه واستهتار بأرواح العشرات من الشهداء والآلاف من ضحايا القمع والتعذيب، أعلن العقيد السابق بجهاز امن الدولة، عادل جاسم فليفل نيته ترشيح نفسه للانتخابات النيابية القادمة.
ففي لقاء أجرته صحيفة الوطن البحرينية[1] يوم الثلاثاء الموافق7 يوليو 2009 أعلن عادل فليفل نيته كمستشار لجمعية الصف الإسلامي ترشيح نفسه للبرلمان القادم وخوض الانتخابات في أكتوبر 2010، ضمن الدائرة الخامسة بمحافظة المحرق. مقابلة عادل فليفل مع الصحيفة المذكورة أعادت إلى الأذهان ذكريات قاسية وأليمة، مر بها الكثير من الضحايا بمختلف طوائفهم ومرجعياته السياسية ، فقد برز اسم فليفل بين عام 1980 وعام 2000، كضابط مخابرات يعمل بجهاز أمن الدولة المنحل، وكمساعد للضابط الاسكتلندي المعروف ايان هندرسون[2] رئيس جهاز أمن الدولة. واشتهر ببطشه بمعتقليه والتمثيل بهم أثناء فترة احتجازهم، ويعتبر أحد المسئولين المباشرين عن وفاة العشرات من أبناء الوطن تحت التعذيب، والآلاف من ضحايا التعذيب الذي اشترك في تعذيبهم بنفسه، أو بأوامر صدرت منه وتحت إشرافه. وهو المسئول عن الكثير من الاعتداءات الجسدية والجنسية التي مورست على المعتقلين الذين كانوا في عهدته.
وعمل فليفل على تكديس العشرات من الأسر البحرينية من ذوي الأصول الفارسية في سفن بدائية تفتقر إلى أبسط إجراءات السلامة، وإرسالهم قسراً إلى إيران بدون جوازات سفر أو أوراق رسمية في ظروف تفتقر إلى أقل المعايير الإنسانية، وكاد ذلك أن يؤدي بالبعض منهم للضياع والغرق وسط البحر، لولا أن تم انقادهم من قبل خفر السواحل الإيرانية، وقد تم معاملتهم في إيران كلاجئين وعانوا من ظروف معيشية صعبة حتى سمح لمعظمهم بالرجوع إلى البحرين بعد العام 2000. وكان فليفل أيضًا سببًا في فقدان الكثير من خيرة الطلبة البحرينيين تعليمهم المدرسي أو الجامعي وانهيار مستقبلهم التحصيلي والوظيفي، وكذلك فقدان الكثير من المواطنين لوظائفهم ومصدر رزقهم الوحيد، بل أضحى الكثير من ضحاياه فقراء معوزين أو مهجّرين مشتتين في أرجاء العالم.
وقد استخدم فليفل سلطته ونفوذه في ابتزاز أموال المئات من أسر المعتقلين إبان تلك الفترة من أجل الإفراج عن أبنائهم وتخليصهم من هذا الجهاز المخيف، واستولى على أموال الكثيرين واستحوذ على مساحات واسعة من الأراضي المملوكة لرجال أعمال بحرينيين أو جبرهم على بيعها له بأثمان بخسة خوفًا من جبروته[3]، بل زج كل من يرفض الانصياع لأوامره في السجن، تارة بتهم سياسية ومحاولة قلب نظام الحكم، وتارة أخرى بتهم جنائية أو قضايا مخدرات مصطنعة. وجمع جراء عمليات ابتزازه ثروة كبيرة تقدر بمئات الملايين من الدولارات. وكان يقوم بكل جرائمه مستفيدًا من شبكته المخابراتيه، المتغلغلة في مؤسسات الدولة العامة والخاصة، وكذلك من علاقته الشخصية وشراكته المالية مع ابن عم الملك ومستشاره الحالي الشيخ خالد بن محمد بن سلمان آل خليفة، والذي كان يرأس جهاز أمن الدولة آنذاك. وساهمت مشاركة الشيخ خالد معه في توفير الغطاء لجرائم الاحتيال والابتزاز التي قام بها. واشتهر فليفل كذلك بحفلاته الليلية الحمراء الصاخبة، إما في حاناته ومراقصه التي يملكها ويديرها، أو في مزارعه وقصوره ويخوته الخاصة الفاخرة.
وعند تقلد الملك الحالي حمد بن عيسى آل خليفة لسدة الحكم في 6 مارس 1999م، بعد موت أبيه الأمير السابق عيسى بن سلمان آل خليفة، والوعود التي أطلقها في بداية عهده بشأن الإصلاح والمحاسبة والقضاء على الفساد والتي أخافت الكثير من المتورطين في الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، وأدت بالعقيد عادل فليفل إلى الفرار إلى مدينة برزبن باستراليا، مبشراً أهالي تلك المدينة بعصر اقتصادي زاهر عبر استثمار بعض من أمواله هناك. وكانت وزارة الداخلية البحرينية قد أعلنت في ذلك الوقت إنها طالبت البوليس الدولي (الانتربول) باسترجاعه. وقد قدرت استثماراته في تلك المدينة بمائة مليون دولار صرفها في شراء المباني[4] . وقد عمل مركز البحرين لحقوق الإنسان مع بعض المنظمات الحقوقية في أستراليا، والشخصيات الدولية من أجل طرد فليفل من أستراليا والامتناع عن توفير الإقامة الدائمة له هناك، نظرًا لسجله الأسود والانتهاكات الواسعة التي اقترفها لحقوق الإنسان في البحرين. وأدت تلك التحركات إلى رفض السلطات الاسترالية إبقائه على أراضيها [5]. كما خرجت العشرات من المظاهرات[6] والاحتجاجات في جميع أنحاء البحرين وشارك فيها عشرات الآلاف من ضحاياه أو أفراد أسرهم، تطالب بتقديمه للعدالة. وكتبت عنه المنظمات الدولية وطالبت حكومة البحرين لتقديمه للمحاكمة على الجرائم التي ارتكبها، ومن تلك المنظمات هيومان رايتس واتش[7] ومنظمة العفو الدولية[8] .
وفي تغير مفاجئ وبعد أن هدد العقيد فليفل السلطات في البحرين بأنه إن تمت ملاحقته فإنه سيكشف الكثير من المعلومات وسيجر الكثير من المسؤولين البحرينيين معه، تلقى فليفل تطمينات ووعود من جهات في الحكم في أن السلطات سوف لن تستهدفه إذا ما أراد الرجوع إلى البحرين بل سيعفو عنه الملك عفواً خاصاً. وتأكيداً لتلك الوعود أصدر ملك البحرين في أكتوبر 2002 المرسوم بقانون 56 والذي أعفى فيه كل مرتكبي جرائم التعذيب وانتهاكات المرحلة الماضية من الملاحقات القانونية. وبعد تأكده إن الشعارات بالمحاسبة والقضاء على الفساد لم تكن بالجدية التي تصورها، عاد إلى البحرين يوم السبت 23 نوفمبر 2002، ليمارس أعماله التجارية مرة أخرى[9]. وتحول عادل فليفل من موظف عسكري لا يتجاوز راتبه 600 دينار إلى شخص يملك إمبراطورية مالية وعقارية منتشرة في أنحاء العالم.
ويأسف كل من مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان بأن هناك من رجال الأعمال البحرينيين وغيرهم ممن يمارس أعمال التجارة مع هذه الشخصية، التي جمعت وكدست ثروتها من سجن وتعذيب الآلاف من ضحايا، مفضلين مصالحهم المالية الضيقة على كل المبادئ الأخلاقية والقيم الإنسانية. ويعتقد كذلك بأن أحد دوافع ترشيح فليفل هو الحصانة البرلمانية التي من الممكن أن يحصل عليها، والتي تجنبه وتحميه من أي مسائلات من المحتمل أن يتعرض لها في بعض الدول الأوروبية، نتيجة الشكاوي التي ربما قد تقدم بها بعض ضحاياه القاطنين في تلك الدول.
جمعية الصف الإسلامي
لم يعرف عن جمعية الصف الإسلامي[10] إلا في الايام الأخيرة، وما كانت لتعرف لولا بروز اسم عادل فليفل كمستشار سياسي لها. ويعتقد أن هذه الجمعية هي إحدى المؤسسات الوهمية التي صنعتها السلطة في السنوات الأخيرة، ضمن البرنامج الذي أشار إليه تقرير البندر” المجتمع المدني- إستراتيجية التنظيم وإعادة التأهيل” من أجل الهيمنة على مؤسسات المجتمع المدني من خلال خلق جمعيات سياسية وحقوقية وهمية ومصطنعة، سبيلاً نحو إحكام السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني، والهيمنة على المؤسسة التشريعية المترهلة أصلاً والفاقدة للارادة المستقلة. وقد ساهم الديوان الملكي في السنوات الأخيرة بشكل كبير في تنفيذ هذه الإستراتيجية.
وقد تم الإعلان عن تأسيس الجمعية في عام 2007 ويرأسها الآن السيد عبدالله خليل بوغمار. صحيفة الوطن انفردت صحيفة الوطن باللقاء مع عادل فليفل، وكانت قبل ذلك بأيام قد أعلنت في خبر منفصل عن نية فليفل المشاركة في الانتخابات القادمة. وتعتبر صحيفة الوطن من الصحف القريبة من الديوان الملكي، والمعبرة عن توجهاته ، ويملكها اسمياً أحد رجال الأعمال البحرينيين القريبين من السلطة، ولكن يسود الاعتقاد بأن مالكها الحقيقي هو الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة، وزير شئون مجلس الوزراء في الحكومة الحالية والقريب من الملك. وارتبط اسم أحمد عطية الله بالفضيحة التي أطلقها مستشار الحكومة السابق الدكتور صلاح البندر، من خلال تزعمه شبكة سرية خطيرة داخل أجهزة الدولة تهدف إلى إقصاء وتهميش أبناء الطائفة الشيعية وإضعافهم انتخابيًا، وجرهم إلى نزاع طائفي مع أبناء الطائفة السنية، والعمل على تخريب العملية الانتخابية، وخلق مؤسسات مجتمع مدني مزيفة أو اختراق المستقلة منها. ويفهم من إجراء اللقاء الصحفي مع العقيد السابق فليفل وإعطائه مساحة في هذه الصحيفة كمؤشر خطير ورسالة واضحة مفادها دعم الديوان لفليفل في الانتخابات القادمة. انتخابات مجلس النواب لعام 2010 تشير المعطيات الموجودة ابتداء من تدخلات الديوان الملكي المباشرة في العملية الانتخابية، والتوزيع غير العادل للدوائر الانتخابية، واستخدام الصناديق العامة، واستخدام المال السياسي، وتوفير السلطة للدعم التقني والإعلامي لمرشحيها، وتوجيه المجنسين الذين هم خارج البحرين للتصويت لمرشحي الديوان، وإجبار العسكريين للتصويت لمرشحي السلطة، وتؤكد كل تلك المؤشرات والتجارب السابقة أن هناك إمكانية كبيرة في وصول فليفل لمجلس النواب.
وصرح نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان قائلا “بأن ظهور اسم عادل فليفل مؤخراً ضمن مرشحي الانتخابات النيابية القادمة أمر محبط وخطير، وسيؤدي لأن يفقد الناس ما تبقى من أمل معقود على العملية السياسية برمتها، والتي هي شكلية ومترهلة أصلا. وإن ترشيحه للانتخابات النيابية القادمة يعد تحد واستهتار واستهانة بشعور ضحايا التعذيب وأسر الشهداء، وإعادة لذكريات أليمة وتاريخ مرير عاناه أبناء هذا الوطن بكافة فئاتهم. إن مكان مجرم من أمثال عادل فليفل هو أن يقضي بقية عمره بين الزنازين على ما اقترفه من جرائم، وليس ممثلاً لإرادة مدينة المحرق الشعبية التي تستحق أفضل منه”.
ويطالب كل من مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الانسان
1- تقديم عادل فليفل لمحاكمته على الجرائم غير الإنسانية التي اقترفها، وجرائم الابتزاز والاستغلال التي مارسها.
2- حجز أمواله التي جمعها بطريقة غير مشروعة من ضحاياه ووضعها في صندوق لخدمة أسر الشهداء وضحايا التعذيب. –
3- وقف التطبيع التجاري والاجتماعي مع العقيد عادل فليفل وغيره من الأشخاص الذين تكثفت الدلائل على تورطهم في انتهاكات لحقوق الإنسان.
[1] الوطن http://www.alwatannews.net/archive/index.php?m=newsDetail&newsID=27149§ion=74&issueDate=2009-07-07 [2]http://en.wikipedia.org/wiki/Ian_Henderson_(Britain) [3] http://www.arabicnews.com/ansub/Daily/Day/020509/2002050952.html [4] The Courier Mail http://www.shiachat.com/forum/index.php?showtopic=4500&st=0&p=45700&#entry45700 [5] http://archive.gulfnews.com/articles/02/06/18/54752.html [6] http://archive.gulfnews.com/articles/03/02/08/76644.html [7] http://www.hrw.org/en/news/2002/12/16/bahrain-investigate-torture-claims-against-ex-officer [8] http://archive.gulfnews.com/articles/02/12/01/69997.html [9] http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=137929&issueno=8762 [10] http://photos.bna.bh/details.php?image_id=41302