العدد 2319 الاحد 11 يناير 2009 الموافق 14 محرم 1430 هــ
——————————————————————————–
شكاوى التعرّض للتعذيب بين تهمة الادعاء وتقارير اللجان الطبية//البحرين
الوسط – محرر الشئون المحلية
العدد 2319 الاحد 11 يناير 2009 الموافق 14 محرم 1430 هــ
——————————————————————————–
شكاوى التعرّض للتعذيب بين تهمة الادعاء وتقارير اللجان الطبية//البحرين
الوسط – محرر الشئون المحلية
تُثير دعاوى تعرّض عدد من الموقوفين على ذمم قضايا جنائية وأمنية مختلفة للتعذيب الجسدي والنفسي بين الحين والآخر جدلاً حقوقياً وقانونياً واسعاً بشأن صحة تلك الدعاوى من عدمها، وخصوصاً في ظل انتداب المحكمة للجان طبية للاستئناس برأيها بشأن تلك الشكاوى التي تتلقاها من قبل المتهمين.
فما أن تنطلق تلك الدعاوى من قبل المتهمين أمام المحاكم حتى يبدأ الخلاف بشأنها فيما بين النيابة العامة وهيئة الدفاع عن المتهمين، إذ ترتأي الأولى أن تلك الشكاوى لا تتعدى كونها دعاوى تم التأكد من عدم صحتها، وذلك بعرض المتهمين على الطبيب الشرعي، إضافة إلى تعليق النيابة على بعض التقارير الطبية بأنها متناقضة جداً وتتعرض إلى أمور ليست من اختصاص الأطباء، كما أن تلك التقارير توصلت إلى استنتاجات ولم تتوصل إلى نتائج مؤكدة، بالإضافة إلى أن تلك التقارير بنيت على أقوال وادعاءات المتهمين. فيما يؤكد محامو المتهمين أن الأطباء هم المؤتمنون من قبل المحكمة بالفحص على المتهمين، وأن ذلك حق لهم، وأن الأطباء هم أهل الدراية والخبرة، وأنه من المؤكد أن تتم مسائلة المتهم وعرض أقواله وادعاءاته كونه هو الموضوع في الأساس، إلى أن ينتهي الأمر بمناقشة الأطباء في تقاريرهم المقدمة إلى المحكمة.
وتُلقي تقارير اللجان الطبية المكلفة من قبل المحكمة في أهم قضيتين أمنيتين (قضية متهمي ديسمبر وأحداث كرزكان وأخيرا قضية متهمي ما عرف بـ»المخطط الإرهابي)، بظلالها على الجانب الحقوقي للبحرين، على رغم أن المحكمة الكبرى الجنائية لم تقتنع بدعاوى التعذيب التي أطلقها متهمو ديسمبر/ كانون الأول والذين عرضوا على لجنة طبية محايدة رجحت تعرضهم للتعذيب.
فمن جهته، قال الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي: «إن البحرين صدّقت على اتفاقية مكافحة التعذيب وكل أشكال وأنواع المعاملة القاسية منذ العام 1998، وفي تلك الفترة وأيام حقبة أمن الدولة إلى ما قبل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، كانت البحرين من ضمن الدول المصنفة في ممارسة التعذيب بشكل ممنهج».
وأضاف «إلا أننا اليوم نشهد تطوراً كبيراً في عدم استخدام التعذيب في سجون البحرين، ولكن وصلتنا أخيراً كثير من الشكاوى من أهالي الموقوفين الذين أطلق سراحهم يدعون فيها ممارسة التعذيب بحقهم».
وأردف «بالإضافة إلى ما خلصت إليه اللجان الطبية التي شُكّلت من قبل المحكمة للتحقق من دعاوى التعذيب التي أطلقها متهمي ديسمبر وكرزكان، من احتمال وترجيح تعرّض الموقوفين إلى التعذيب على شكل التعليق، فبحسب التقرير هناك سحجات، إلا أن المدة الزمنية كانت تمنع القطع اليقيني بذلك، إلا أنه نتيجة للخبرات الطبية يمكن التوصل إلى أدلة تفيد ما إذا كان الشخص تعرض للتعذيب أم لا».
وتابع «وكل هذه الادعاءات الأخيرة وشكاوى تعرض الموقوفين للتعذيب بشتى أنواعه، فالتعذيب لا يقتصر على الضرب فقط وهناك التعذيب النفسي، من مثل التعرض للدين والمذهب والتهديد، والتقارير الفنية المرفوعة بخصوص ذلك ستؤثر على السمعة الحقوقية للبحرين، وذلك عندما توضع في مصاف الدول، وخصوصاً أنها عضو في مجلس حقوق الإنسان».
وتمنى الدرازي «عدم صحة هذه الادعاءات، فإذا ثبت صحتها فإن البحرين ستوضع مرة أخرى من ضمن الدول التي تمارس التعذيب بشكل منهجي، ومن أجل ألا نصل لهذه الدرجة يجب أن يلعب البرلمان دوراً في التحقق من هذه الأمور، ويجب أن تعطى المنظمات الحقوقية دوراً كاملاً في الزيارة المباشرة و العاجلة للموقوفين وليس بشكلٍ متأخر، وذلك للتأكد من صحة تلك الادعاءات».
وانتهى بالقول: «إن الزيارات المنتظمة لتفقد أماكن الاحتجاز مهمة جداً، وفي اعتقادي من المهم أن تنضم البحرين إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، لأن هذا البروتوكول يعطي الأحقية للمنظمات الحقوقية والبرلمانية ذات الاختصاص للزيارات المفاجئة لأماكن الاحتجاز».
ومن ناحية قانونية علّق المحامي سلام أحمد عبدالقادر على تقارير اللجان الطبية التي تنتدبها المحكمة للتحقق من دعاوى التعذيب التي يطلقها الموقوفون، بالقول: «إن المحكمة تعتبر الخبير الأعلى للدعوى، ولكن هناك بعض المسائل الفنية التي لا يجوز للمحكمة أن تبدي فيها رأياً، وبالتالي يكون على المحكمة انتداب خبير أو مجموعة من الخبراء لبحث المسألة الفنية التي تعرض عليها والتي لا تستطيع إبداء الرأي فيها، من مثل تشريح الجثث أو مسائل تزوير الخطوط، وفي هذه الحالة تنتدب المحكمة خبير أو مجموعة خبراء متخصصين في المجال المعروض على المحكمة، لبحث المسائل المعروضة».
وأوضح سلام «للمحكمة أن تنتدب خبيراً أو مجموعة خبراء، أما اللجان الطبية المنصوص عليها في القانون رقم (7) لسنة 1989 فهذه اللجان تختص بتحديد الأخطاء الطبية، والمحاكم المدنية تكون ملزمة بإحالة الدعاوى إلى هذه اللجان إذا ما عرض عليها نزاع خاص بالأخطاء الطبية، وهو طريق إلزامي يجب على المحكمة التزامه، أما في حال القضايا الجنائية فإذا استدعى الأمر إحالة الموضوع إلى خبير فللمحكمة أن تنتدب الطبيب الشرعي أو مجموعة أطباء شرعيين، أو غيرهم من أطباء بحسب رؤية المحكمة، فهي غير ملزمة باتباع طريق معين».
وذكر «تعتبر تقارير الخبراء سواءً أطباء كانوا أو خبراء آخرين عنصر من عناصر الإثبات سواءً لمصلحة المتهم أو ضده، وللمحكمة أن تأخذ بها أو لا تأخذ بها، ولكن بالنسبة لتقارير اللجان الطبية المنصوص عليها في القانون رقم (7) لسنة 1989، فهذه التقارير ملزمة للمحكمة بأن تأخذ بها، وهي التقارير الخاصة بالأخطاء الطبية».
يشار إلى أن تقرير اللجنة الطبية المكلفة بمعاينة متهمي كرزكان في قضيتي حرق مزرعة الشيخ عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة الواقعة في 7 مارس/ آذار الماضي، والتي يمثل فيها 15 متهماً؛ اثنان منهم هاربان، بالإضافة إلى قضية قتل الشرطي ماجد أصغر التي وقعت في 9 أبريل/ نيسان الماضي، والمتهم فيها 19 شخصاً، خلص إلى أن معظم الموقوفين توجد بهم آثار ندبات وسحجات وكدمات قديمة نوعاً ما، وذلك راجع إما إلى أنها قد تكون ناتجة عن إصابات قديمة أو أنها ناتجة عن التعرض للضرب أثناء التوقيف، وهذا يصعب إثباته نظراً إلى طول الفترة التي مرت منذ حدوث هذه الإصابات والعرض على اللجنة الطبية، إلا أنه وجدت آثار سحجات على الرسغين في معظم الموقوفين وهذا راجع إما إلى استخدام الأصفاد في هذه المنطقة أو إلى التعليق في السقف كما يقول معظم الموقوفين.
وبيّن التقرير أن معظم الإصابات التي حدثت في المتهمين هي إصابات اختفت آثارها نتيجة طول الفترة التي تم فيها فحص المتهمين بعد تعرضهم للضرب، كما أن معظم الإصابات التي أصيب بها الموقوفون إصابات تمحى آثارها بمرور الوقت ولا توجد إصابات تركت عاهات مستديمة عدا حالة الموقوف الذي تعرض لنقص في حدة السمع والمريض الذي تعرض للاضطرابات الذهنية والنفسية.
أما الأطباء أعضاء اللجنة الطبية المكلفة بالفحص على المتهمين الـ15 في القضايا الأمنية لشهر ديسمبر، أكدوا في تقريرهم الطبي المرفوع إلى هيئة المحكمة الكبرى الجنائية أن المدة الزمنية الطويلة والتي تجاوزت الثلاثة أشهر في الفحص الطبي على المتهمين حالت دون التأكد من ادعاءات المتهمين بتعرضهم إلى التعذيب، كما أن هذه المدة الزمنية منعت اللجنة الطبية من التيقن من نِسَب الآلام التي يعاني منها المتهمون في التعذيب أو تعرضهم إلى الضرب كما يدعون.
ورجح الأطباء في بعض ملاحظاتهم بشأن وجود الآلام التي يشعر بها المتهمون في بعضٍ من أنحاء جسمهم إلى تعرضهم إلى أنواعٍ من التعذيب الجسدي كالتعليق أو الضرب عن طريق توجيه اللكمات وغيرها من الأساليب، إلا أنهم أشاروا في جميع الحالات إلى صعوبة الجزم بنِسب تلك الآلام إلى ادعاءات المتهمين بتعرضهم للتعذيب، وذلك لاختفاء الآثار بسبب طول الفترة الزمنية فيما بين توقيفهم وعرضهم على اللجنة الطبية لإجراء الكشوفات الطبية.
وفي مجمل الحالات التي وقّع عليها الأطباء الكشف على أجساد المتهمين، كانت النتيجة خلو أجذاع وأطراف أجسام المتهمين من أي أثر لتلقيهم الضرب والتعذيب.
وأورد التقرير الطبي على لسان المتهمين معاناتهم وما يشعرون به من آلام، وأسباب تلك الحالات التي عزاها المتهمون إلى تعرضهم إلى الضرب وسوء المعاملة أثناء فترة التوقيف.
الوصلة:
http://www.alwasatnews.com/news/print_art.aspx?news_id=848973&print=true
صحيفة الوسط 2009 – تصدر عن شركة دار الوسط للنشر و التوزيع – جميع الحقوق محفوظة