الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة يدعو إلى إسقاط ” العصابة الحاكمة في البحرين”
1
عبد الهادي الخواجة
1
المنامة- آفاق
1
الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة يدعو إلى إسقاط ” العصابة الحاكمة في البحرين”
1
عبد الهادي الخواجة
1
المنامة- آفاق
1
دعا الناشط الحقوقي البحريني البارز عبد الهادي الخواجة إلى إسقاط من أسماها “العصابة الحاكمة في البحرين” بسبب ما وصفه بسياسة التطهير الطائفي الذي تمارسه ضد الشيعة والتجنيس السياسي والفساد وإقصاء المعارضين وتعذيب المعتقلين.
وقال الخواجة في خطاب ألقاه في المنامة في ليلة عاشوراء (6 يناير 2009) “ان العصابة الحاكمة في البحرين تتمثل في “مجلس الدفاع الأعلى” الذي يتكون من أربعة عشر شخصا من كبار العائلة الحاكمة، وهم الملك وولي العهد ورئيس الوزراء ووزير الديوان وغيرهم من كبار الوزراء والمسؤولين من الاسرة الحاكمة، وليس بينهم اي من ابناء الوطن من السنة او الشيعة، فهم لا يثقون باحد سوى انفسهم. ومنذ انشاء هذا المجلس تم فيه اقرار جميع المؤامرات التي دبرت ضد الشعب”.
وأضاف “لقد ضيعت العصابة الحاكمة فرصتها في التوافق السياسي، وضيعوا بذلك فرصة السلام الاهلي والاستقرار الأمني الذي كان يمكن ان يقوم على اساس الحد الادنى من المصالح والحقوق للشعب مقابل ان يبقى الملك فيهم وفي ذريتهم، ولكنهم استأسدوا علينا واستأثروا بالحكم وعمدوا الى اذلالنا، وانتهاك حقوقنا واعتقال ابنائنا واحرارنا وتعذيبهم والتعريض بهم باتهامات كاذبة”.
وأوضح “لذلك ففي مقابل استراتيجية التطهير والاقصاء، من السذاجة السياسية الاكتفاء بطرح مطالب الاصلاح الجزئي، والاستمرار على البيعة السياسية لهذه العصابة التي لا يضبطها مبدأ أو دين او اخلاق. ولا يمكن مواجهة سياسة الالغاء والتطهير الا بشعار اسقاط العصابة الظالمة الطائفية. ازاء هذه العصابة المنتهكة للحريات والحقوق، الممارسة للتعذيب، الفاسدة والناهبة للاموال العامة وللاراضي، لابد ان يكون المطلب الرئيسي هو اسقاطها من الحكم بكل وسائل المقاومة المدنية السلمية، والاستعداد لبذل التضحية في سبيل ذلك”.
وفيما يلي نص الخطاب:
تضحيات الحسين تفضح “العصابة الحاكمة” وتسقطها من الحكم
المنامة – قرب مسجد الخواجة
.. في ذكرى استشهاد الحسين (ع)، ابن بنت رسول الله (ص)، وسبط الرسول وحبيبه
.. في ذكرى واقعة عاشوراء، حيث قام النظام الاموي الفاسد بقتل الحسين واصحابه من أهل بيت النبي محمد (ص)
.. في هذه المناسبة العظيمة..
.. اتوجه بالنداء: الى كل حر، والى كل صاحب ضمير حي، من اي مذهب او طائفة، ومن اية طبقة اجتماعية، غنيا كان اوفقيرا،
.. اتوجه الى الشباب والنساء والشيوخ
.. اتوجه لهم جميعا .. واطالب نفسي واطالبهم
.. بالوقوف صفا واحدا: لطلب الاصلاح، ونصرة الحق، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تيمنا بالحسين بن علي الشهيد (ع)
.. اتوجه لهم لفك الارتباط النفسي والمصلحي بنظام الحكم الظالم، ورفض مبايعته، وعدم الاقرار له بالحكم على رقاب الناس، مادام يغدر، ويخلف الوعود، ويستأثر بالفيئ ويذل الناس، ويستعين بالمرتزقة من كل مكان، ليفرض نفسه على رقاب العباد.
.. فحين جاءت الاوامر من يزيد بن معاوية، الى واليه على المدينة المنورة بان يأخذ البيعة من الحسين او يقطع رأسه، اعلن الحسين العصيان السياسي ورفض المبايعة، وهيأ نفسه للتضحية بنفسه واهل بيته.
.. وقد حدد الحسين نهجه على خطى جده- رسول الله (ص)- حين قال في كتابه لاهل الكوفة: “اما بعد، فقد علمتم ان رسول الله (ص) قد قال في حياته: من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرام، او تاركا لعهد الله، ومخالفا لسنة رسول الله (ص)، فعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، ثم لم يغير عليه بقول ولا فعل، كان حقا على الله ان يدخله مدخله..”[i]
ولم يكن الحسين في عصيانه السياسي يستهدف شخص الحاكم الاموي يزيد، بل كان يستهدف النظام الامويبرمته. فهو حين خاطب جيش العدو ناداهم بالقول: يا شيعة آل سفيان .. ولم يقل ياشيعة يزيد.
وكانت نتيجة تضحيات الحسين في واقعة كربلاء، سقوط نظام الحكم الاموي ، حيث لم يعمرهذا النظام اكثر من تسعين عاما، كانت تموج بالثورات التي تمخضت عن حركة الحسين (ع).
الاصطفاف المذهبي والاصطفاف السياسي:
لقد صاح الحسين يوم عاشوراء بجيش أعدائه: ويحكم يا شيعة آل سفيان: ان لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا احرارا في دنياكم .. “[ii]
ونحن نعلم بأن من وصفهم الحسين بشيعة آل سفيان، لم يكونوا من آل امية او اهل الشام، وانما كانوا من شيعة ابيه علي بن ابي طالب، وهم شيعته الذين دعوه الى الكوفة، والذين يفترض بأنهم تعلموا امور دينهم وعباداتهم من مدرسة اهل البيت، ودرست نساؤهم القرآن على يد السيدة زينب (ع) اخت الحسين (ع).
وكان انتماء اهل الكوفه النفسي والوجداني للحسين. ولذلك فانه حين سأل بشر بن غالب “كيف خلفت أهل العراق؟” جاءته الاجابة: “يابن بنت رسول الله..خلفت القلوب معك، والسيوف مع بني امية”[iii]
وهكذا فانهم عندما غيروا ولائهم السياسي، ووقفوا مع الباطل ضد الحق، اصبحوا عند الحسين: شيعة ابي سفيان، دون التفات الى المدرسة الفقهية التي يتبعونها أو طريقة صلاتهم وصيامهم وحجهم وزكاتهم.
وبهذا ندرك بأن الشيعة في حركة الحسين هم من وقف معه وناصره ضد الظلم السياسي والاجتماعي، وليس كل من انتمى الى اهل البيت تاريخيا أو فقهيا أو نفسيا. فانت يمكن ان تكون على المذهب الجعفري من الناحية الفقهية، او اثناعشريا من الناحية العقائدية، ولكن في نفس الوقت قد تكون من شيعة آل سفيان، أو اية عصابة حاكمة تستعبد الناس وتسفك الدماء.
وهكذا فإن تمايز الناس في مجتمعنا اليوم الى حسينيين ويزيديين، ليس على اساس المذهب الذي ورثوه من الآباء والاجداد، او المدرسة الفقهية التي يتبعونها في عباداتهم الفردية، وانما على اساس الموقف السياسي الاجتماعي المتمثل في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتولي اهل الحق والخير، والتبرئ من الظالمين واهل المنكر.
ان عامة الناس في تعاملهم مع اية عصابة حاكمة على صنفين: فهناك من يضع المبادئ والقيم اولا ولكنه قد يتداخل مع الظالم في كسب معيشته او في نشاطه السياسي والاجتماعي، ولكن هناك في المقابل من يضع منافعه الشخصية اولا ولو على حساب الحق ومصالح الناس. ويتمايز جميع هؤلاء وينكشف معدنهم عندما يستفحل الظلم وتنتهك الاعراض او تسفك الدماء، فعندها اما ان يكون من شيعة الحسين بمواقفه وتضحياته، او ان يكون من شيعة آل سفيان. ولذلك فان معركة مثل كربلاء ضرورية لتكشف كل انسان امام نفسه وامام الاخرين. يقول الحسين (ع): الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على السنتهم، يحوطونه ما درت معايشهم، فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون”
العصابة الحاكمة وضرورة اقتلاعها من الحكم مهما كلف ذلك من جهد وتضحيات:
ان العصابة الاموية التي استأثرت بالحكم، وجعلته عضوضا: ينتقل في اسرة واحدة من الاب الى الابن، والتي نهبت الفيئ والاراضي وجعلت مال الله دولا، واستعبدت الناس وجعلتهم خولا ومستعبدين، هذه الدولة لم تكن تقوم على شخص واحد وانما عصابة تربطها العصبية القبلية والاسرية، وتستعين بالرشوة والتخويف لكسب المناصرة والولاء من اصحاب المصالح. فتسيطر على العباد بالقهر، الى درجة ان يخرج ابن بنت رسول الله خائفا من المدينة ثم من مكة لانه يرفض المبايعة السياسة، ولا يجد ناصرا ولا معينا، ثم يقتل وتسبى النساء من اهل بيت النبي (ص). مثل هذه الدولة اختارت ان لا تقبل المهادنة والحلول الوسط، لذلك لا ينفع فيها الا الاقتلاع، فكانت تضحية الحسين بنفسه وعياله هي الوسيلة لاقتلاع تلك الدولة، والاطاحة بالعصابة التي تديرها ولو بعد حين.
ان العصابة الحاكمة في البحرين تتمثل في “مجلس الدفاع الأعلى” الذي يتكون من اربعة عشر شخصا من كبار العائلة الحاكمة، وهم الملك وولي العهد ورئيس الوزراء ووزير الديوان وغيرهم من كبار الوزراء والمسؤولين من الاسرة الحاكمة، وليس بينهم اي من ابناء الوطن من السنة او الشيعة، فهم لا يثقون باحد سوى انفسهم. ومنذ انشاء هذا المجلس تم فيه اقرار جميع المؤامرات التي دبرت ضد الشعب.
وليس ابناء الملك او افراد اسرته ممن يتولون المسؤولية بافضل منه، فهذا ولي عهده سارق البحر والغارق في الاستثمارات بالمليارات على حساب قوت الفقراء، وذاك عمه الفاسد وقاتل النفس المحترمة منذ أربعين سنة، وهناك افراد عائلته الآخرين الذين يتسابقون على المناصب العليا حتى لم يتركوا منصب وزير ولا ضابط جيش او امن، ومن خلالها يسرقون الاراضي ويملأون جيوبهم بالمال الحرام، ويمعنون في اذلال الناس ويمارسون الطائفية. وفي كل ذلك هم يتسترون على جرائم بعضهم البعض، ثم يتظاهرون بالاختلاف لكي يوهمونا بطيبة او صدق بعضهم. ان من يخدع ويخون ويكذب ويظلم، لا يصلح ان نأتمنه على دمائنا ومصالحنا واجيالنا القادمة، واذا فعلنا ذلك فيجب ان لا نلوم الا انفسنا، فمن جرب المجرب حلت به الندامة.
وتقود العصابة الحاكمة حملة قمع لجميع معارضيها، وقد تبنت استراتيجية تطهير طائفي تقوم على التبشير بأن العدو الاستراتيجي هو الشيعة بجميع مؤسساتهم ومواقع نفوذهم وشخصياتهم. وان الخطة التي كشف عنها مستشار الحكومة السابق عام 2006 ليست سوى جانب من ذلك المخطط، وان ما انكشف من شخصيات الشبكة السرية ليست سوى قاعدة الهرم وليست رأسه، وانما رأسه مجلس الدفاع الاعلى. وان التجنيس الطائفي المتسارع وتطهير المناصب العليا، واقصاء وتسقيط الرموز والقيادات الدينية والسياسية، وتهميش دور الجمعيات السياسيةوافشال برامجها، كل ذلك يصب في استراتيجية الاقصاء والتطهير.
وقد رأينا كيف جاءت هذه العصابة بعشرات الآلاف من المرتزقة من مختلف الديار لتعتدي بهم على تجمعاتنا، وتنتهك بهم حرمة بيوتنا ومساجدنا، وتم تسخير اجهزة الامن والقضاء ليعذب ابنائنا بصنوف التعذيب ثم تتم محاكمتهم وسجنهم ليجعلهم امثولة لمن يتجرأ على المخالفة. وقد يترك بعض من هؤلاء الابرياء بعد ان يفعل جلاوزته كل افعالهم لكي نصفق له على مكرمته. ولا يزال العشرات من الشباب الاحرار الذين وطنوا انفسهم على الدفاع عن حقوقهم وحقوق غيرهم في غياهب السجون.
ومنذ ديسمبر العام الماضي حين قتلت قوات الامن الخاصة الشاب الناشط علي جاسم محمد، والعشرات من هؤلاء الشباب يعانون اشد صنوف التعذيب، ضمن مسرحيات امنية مفبركة متتالية تدعى قيامهم باعمال عنف فشل النظام في اثبات اي منها. ونتذكر هنا حسن عبدالنبي والمجموعة التي اعتقلت معه من اعضاء اللجان الحقوقية. ثم العشرات من الناشطين من منطقة كرزكان والمناطق القريبة منها. وصولا الى مسرحية الحجيرة الخيرة التي لا زالت فصولها تزكم الانوف، ولا زال الضحايا يتعرضون للتحقيق بالتعليق كالذبائح، والصعق بالكهرباء.
لقد ضيعت العصابة الحاكمة فرصتها في التوافق السياسي، وضيعوا بذلك فرصة السلام الاهلي والاستقرار الأمني الذي كان يمكن ان يقوم على اساس الحد الادنى من المصالح والحقوق للشعب مقابل ان يبقى الملك فيهم وفي ذريتهم، ولكنهم استأسدوا علينا واستأثروا بالحكم وعمدوا الى اذلالنا ، وانتهاك حقوقنا واعتقال ابنائنا واحرارنا وتعذيبهم والتعريض بهم باتهامات كاذبة.
لذلك ففي مقابل استراتيجية التطهير والاقصاء، من السذاجة السياسية الاكتفاء بطرح مطالب الاصلاح الجزئي، والاستمرار على البيعة السياسية لهذه العصابة التي لا يضبطها مبدأ أو دين او اخلاق. ولا يمكن مواجهة سياسة الالغاء والتطهير الا بشعار اسقاط العصابة الظالمة الطائفية. ازاء هذه العصابة المنتهكة للحريات والحقوق، الممارسة للتعذيب، الفاسدة والناهبة للاموال العامة وللاراضي ، لابد ان يكون المطلب الرئيسي هو اسقاطها من الحكم بكل وسائل المقاومة المدنية السلمية، والاستعداد لبذل التضحية في سبيل ذلك، وهكذا فقد كانت نتيجة تضحية الحسين (ع) اسقاط العصابة الاموية من نظام الحكم. وفي سبيل ذلك لابد من تنسيق الجهود، ونبذ الاختلاف الطائفي والفئوي، وتجنب دعم مؤسسات النظام أو المشاركة فيها.
ان النهضة ضد الظلم واجبة لذاتها، وان من سيحكم بدل هؤلاء العصابة قد لا يكون من بين من هم موجودين في هذا الجيل، فان كل من يؤمنون بالحقوق والحريات في هذا الوطن ليس امامهم ان ينشغلوا بالتفكير في غنائم او حكم، بل في العمل على قطع جذور حكم هذه العصابة من الارض الطاهرة، فنحن جيل الغضب والتضحية، ومن تضحيتنا سيأتي جيل يتحمل مسؤولية اختيار نظام الحكم الذي يناسبه، بعيدا عن الظلم والفساد والتمييز الطائفي.
مشروعية العنف وضرورة الاحتجاج السلمي:
لقد اعطت العصابة الحاكمة في البحرين كل المشروعية والتبرير لمعارضيها وضحاياها في استخدام العنف. ولكن الشعب بكل فصائله وشخصياته قد احجم عن استخدام العنف كاستراتيجية للدفاع عن الحقوق. ولن تنفع المسرحيات التي تخرجها السلطة بين الفينة والاخرى لتغيير هذه الحقيقة، ولن ينفع تضخيم ما يقوم به بعض الصبية من حرق الاطارات او حاويات القمامة او التصدي لقوات المرتزقة الاجنبية بالحجارة.
فعندما نقول بان العصابة الحاكمة قد اعطت المشروعية والمبرر لاستخدام العنف، ذلك انها ثبتت في المناهج الدراسية التي فرضتها على المدارس الحكومية بان اجداد هذه العصابة قد اخذوا الحكم بالقتال وسفك الدماء، كذلك فانها دأبت في وسائل الاعلام العامة التي تسيطر عليها على نشر الاشعار والاغاني التي تسمى بالوطنية وهي تتباهى بالقوة والسيف، وهكذا في شعر وزير الديوان الملكي في قصيدته الطائفية ابناء شبر ومرهون. والتي يهدد فيها الشيعة المعارضين لحكمهم بسيف “صارم يلمع وصقيل ومسنون.. ينثر دماهم من عليهم سكايب”.
ثم رأينا الشهر الماضي بعد المسرحية “الممنتجة” التي عرضها جهاز الامن الوطني عبر التلفزيون الحكومي، والذي يتهم فيها مجموعة صغيرة من الشباب بمخطط ارهابي مزعوم، كيف عرض التلفزيون بعد ذلك مباشرة، تصوير بالفيديو لابن الملك – ناصر بن حمد- وهو يركب حصان الحرب ويتقلد السيف وينشد شعرا يقول فيه عن نفسه وعن اسرته “ياما حذفنا الروس من فوق الامتان” اي “ياما قطعنا الرؤوس من الاجساد”. فمن يدعوا الى العنف ويمارسه؟ العصابة الحاكمة صغيرها وكبيرها؟ ام ابناء الشعب؟
كذلك فان العصابة الحاكمة قد اعطت المشروعية لاستخدام العنف عندما منعت الناس من وسائل التعبير السلمي، واستخدمت في ذلك التشريعات واجهزة الامن والمرتزقة والسجن والتعذيب، وبذلك فهي تدفع الناس دفعا ان يختاروا بين الاستسلام والقبول بالذلة، او الركون الى العنف.
ورغم كل ذلك، لم تلجأ اية جهة لاستخدام القوة والعنف في حماية حقوقها وكرامتها، بل ان اقصى ما وصلت اليه بعض المجموعات هو الدعوة الى نهج الاحتجاج السلمي والعصيان المدني، مع ما يتطلبه ذلك من استعداد للتضحية.
اننا نقول وبأعلى صوت: لا خيار لنا الا المقاومة التي تحفظ كرامتنا، ولا بد لنا من القيام بواجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتحقيق الاصلاح، ولابد من التولي والتبري، ولابد لنا من حجب البيعة اولا، بدءا بالموقف النفسي ثم بالاجهار والاحتجاج العلني.
ونقول بانه لا خلاص لهذا البلد الا بالخلاص من هذه العصابة الحاكمة، ولكن باساليب الاحتجاج السلمي وبالاستعداد للتضحية، فهم قد يزيدون من اعداد المعتقلين والمعذبين، وقد يسفكون بعض الدماء قبل ان ينتهي عهدهم ويولي الى الابد، وهكذا هي قضية الحسين، وهكذا انتهى حكم العصابة الاموية
ترشيد الشعارات وتفعيلها:
واننا عندما نرفع شعارا فيجب ان نختاره بعناية وان نعي مضامينه وان نجعله حقيقة فاعله في خياراتنا وحياتنا اليومية.
فعندما نرفع شعار مثل “هيهات منا الذلة” فمن الافضل ان لانطلقه وكأنه شعارنا، وانما نقول “قال الحسين: هيهات منا الذلة”. اما اذا اردنا نحن ان نرفع الشعار نفسه تيمنا بالحسين بن علي (ع) فيجب ان يكون له مصاديق في خياراتنا السياسية والحركية. فالحسين رفض مبايعة يزيد حتى وان ادى ذلك به الى القتل، وقال “ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة: وهيهات منا الذلة”، وقال لاخيه محمد بن الحنفية عند مغادرته المدينة: “ياأخي! والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت والله يزيد بن معاوية ابدا..”[iv]
اذن فهو يتحدث عن خيار صعب اوله العصيان السياسي واخره القتل، ولكنه يختاره لانه يحفظ له كرامته ويعبر عن قدرته على الاختيار السياسي وتحمل النتائج. وهكذا فان شعار “هيهات منا الذلة” هو نهج سياسي لا يساوم على الكرامة ايا كانت التهديادات، ومهما تطلب الامر من تضحيات. فاذا كنا سنرفعه ونهتف به فلابدان نعد له ونستعد لمتطلباته ونتائجه بشكل واع.
اما شعار سياسي مثل “الموت لآل خليفة”: فهو شعار مليئ بالغضب ظاهره القوة، ولكنه شعار سلبي وغير واقعي، وهو شمولي يركز على اسم قبيلة دون ان يركز على فعلها ودورها، كما انه شعار غير ديناميكي لا يحمل رافعه اي دور او مسؤولية، ولكن ربما لو كان الشعار “لنسقط العصابة الحاكمة” فانه يركز على من بيده الحكم، ويصفهم بالعصابة بسبب سياساتهم ونهجهم، ويحدد الهدف: وهو ازاحتهم من الحكم، كما يركز على دورنا ومسؤوليتنا.
وختاما..
حين طالب الحر بن يزيد الرياحي الحسين بان يرجع من حيث اتى والا فانه سيقتل، ردد عليه الحسين قائلا:
سامضي وما بالموت عار على الفتى اذا مانوى خيرا وجاهد مسلما
وواسى الرجال الصالحين بنفسه وفارق مذموما وخالف مجرما
اقدم نفسي لا اريد بقاءها لتلقى خميسا في العراء عرمرما
فإن عشت لم ألم .. وإن مت لم أذم كفى بك ذلا ان تعيش مرغما
حفظ الله البحرين واهلها من كل مكروه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هوامش
[i] مقتل الحسين وقيام المختار، لابن اعثم الكوفي ص 96
[ii] نفس المصدر، ص 142
[iii] نفس المصدر، ص 81
[iv] نفس المصدر، ص 29