العدد 2300 الثلثاء 23 ديسمبر 2008 الموافق 25 ذو الحجة 1429 هــ
——————————————————————————–
جاءت في الترتيب الـ130 عالمياً و9 عربياً //البحرين
«الإيكونومست» تصنف البحرين ضمن «الأنظمة المتسلطة» في مؤشر الديمقراطية
الوسط – أماني المسقطي
العدد 2300 الثلثاء 23 ديسمبر 2008 الموافق 25 ذو الحجة 1429 هــ
——————————————————————————–
جاءت في الترتيب الـ130 عالمياً و9 عربياً //البحرين
«الإيكونومست» تصنف البحرين ضمن «الأنظمة المتسلطة» في مؤشر الديمقراطية
الوسط – أماني المسقطي
صنف تقرير مجلة «الإيكونومست» البريطانية بشأن مؤشر الديمقراطية للعام 2008 مملكة البحرين في المرتبة 130 من بين 167 دولة خضعت للبحث والتقصي، واعتبر التقرير البحرين ضمن الدول التي تسودها «الأنظمة المتسلطة»، إذ حازت البحرين على درجات منخفضة في الأبعاد القياسية التي اعتمدها التقرير وهي: العملية الانتخابية والتعددية، الأداء الحكومي، المشاركة السياسية، الثقافة السياسية، والحريات العامة، وهذه المقاييس الرئيسية المستخدمة في تحديد مرتبة كل دولة في المؤشر الديمقراطي أعطت مرتبة دون ماهو متوقع بالنسبة للبحرين.
تقرير «الإيكونومست» للعام 2008 هو التقرير الثاني الذي تصدره المجلة المتخصصة في الشأن الدولي، إذ صدر تقريرها الأول في العام 2006. ويأتي إصدار مؤشر 2008 في نهاية العام الجاري مع دخول العالم مرحلة الأزمة المالية العالمية، وهو ما يلقي بظلاله على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم.
وقال التقرير المصاحب لـ «مؤشر الديمقراطية 2008»: «إن نتائج التقصي والبحث أكدت أنه وبعد موجة انتشار الديمقراطية في التسعينيات، فإن الأعوام الأخيرة شهدت تراجعاً في الدمقرطة على مستوى العالم، وبمقارنة النتائج بين مؤشري العامين 2006 و2008، فإنه لم يُحرز أي تقدم في الديمقراطية خلالهما، بل على العكس اذ تم تسجيل تراجعات وإحباطات في مناطق متعددة في العالم».
وأكد التقرير أنه على رغم وجود بعض الاستثناءات، إلا أن الموجة العالمية الديمقراطية توقفت بالفعل، وأن أسوأ المناطق في التراجع الديمقراطي هي دول الشرق الأوسط، كما تراجعت الثورات البنفسجية والبرتقالية في دول الاتحاد السوفياتي السابق، وعمت أزمات سياسية في دول أوروبا الشرقية السابقة، إضافة إلى أن الدول المتقدمة ضغطت على الحريات العامة تحت دعاوى مكافحة الإرهاب.
وأرجع التقرير أحد الأسباب الرئيسية لتراجع الديمقراطية في العالم هي الأجندة الأميركية برئاسة جورج دبليو بوش التي تؤمن بالتدخل بالقوة والتي مارست انتهاكات لحقوق الإنسان، كما اعتمدت على انتقائية واضحة، إذ إن لديها من الحلفاء من هم من أشد الحكام الاستبداديين، إضافة إلى أن بعض الأعداء من هم أقل استبداداً، ولكن الإدارة الأميركية قد تساند المستبد وتحارب الأقل استبداداً تبعاً لمصالحها الحيوية.
واعتبر التقرير أن هذه الانتقائية والقيم المزدوجة، إضافة إلى التدخل العسكري أدّوا إلى تقوية الأنظمة الاستبدادية وتقليل فاعلية الدول الديمقراطية في الضغط عليها.
البحرين قد تتعرض لإضطرابات
وقال التقرير إن هناك عدداً من الدول التي ربما تشهد اضطرابات سياسية في الفترة المقبلة، وتدخل من تلك الدول العربية كل من البحرين والسودان واليمن، مشيراً إلى أن الكساد الاقتصادي سيعطي مبررات للقوى السياسية للتحرك، كما أن الضغط على الخدمات ونقص الوفرة المالية سيضعف قدرة الحكومة على تهدئة الوضع.
وأشار تقرير «مؤشر الديمقراطية 2008» إلى أن دول العالم يمكن تقسيمها إلى أربع فئات: ديمقراطية، وذات ديمقراطية منقوصة، ونظم مختلطة بين النظم الديمقراطية والتسلطية، ونظم تسلطية.
وأشار التقرير إلى أن 18 في المئة من دول العالم تدخل ضمن الأنظمة الديمقراطية، و29.9 في المئة تدخل ضمن الدول ذات الأنظمة الديمقراطية المنقوصة، و21.6 في المئة تدخل ضمن الأنظمة المختلطة بين الديمقراطية والاستبداد، و30.5 في المئة تدخل ضمن الأنظمة المتسلطة.
أجندة مكافحة الإرهاب
تنقص الديمقراطية
وحذر التقرير الدول المتقدمة من أن يكون تركيزها على مكافحة الإرهاب مؤدياً إلى مزيد من الضغط على الحريات العامة، وهو ما سيترتب عليه تأثيرات تالفة للنظم الديمقراطية الراسخة، كما حذر من الانتقائية ومساندة النظم الاستبدادية فقط لأنها توفر تسهيلات خاصة للدول المتقدمة في المجالين السياسي أو العسكري أو الاقتصادي.
وأشار التقرير إلى أن الدول الغنية بالنفط تعتبر من الاستثناءات في العالم، حيث أنها تزداد في التسلط، في الوقت الذي ازدادت ثرواتها على مدى أعوام متتالية، وهو ما قد يكسر النظرية القائلة بإن تحسن الوضع الاقتصادي يدفع باتجاه الديمقراطية.
كما أكد التقرير أن الدول الغنية بالطاقة مازالت منخفضة في المؤشرات التي تحدد المستوى الديمقراطي في الأنظمة، وهي العملية الانتخابية والتعددية، والأداء الحكومي والمشاركة السياسية، والثقافة السياسية، والحريات العامة.
وفيما جاءت السويد في المرتبة الأولى ديمقراطياً على مستوى العالم، جاءت كوريا الشمالية في المرتبة الدنيا على مستوى العالم.
وفيما كانت كل الدول العربية تقريباً ضمن فئة الأنظمة المتسلطة، فإن كلاً من فلسطين ولبنان والعراق اعتبرت من الدول ذات الأنظمة المخلوطة بين التسلط والديمقراطية، وهي مرتبة أعلى من الدول ذات النظام التسلطي، وهو ما يشير إلى تناقض واضح بالنسبة للدول العربية، إذ إن تلك التي تخضع للاحتلال أو تعلن أن نظامها طائفي فإن لديها ديمقراطية أفضل من الآخرين.
وعلى مستوى الدول التسلطية، جاءت باقي الدول العربية بدرجات متفاوتة بحسب مؤشرات الديمقراطية المذكورة.
وحذر التقرير من أن الأزمة المالية العالمية الحالية من شأنها أن تضغط باتجاه عدم الاستقرار مع انخفاض مستوى الديمقراطية في كثير من البلدان التي كانت تستطيع تحاشي الدمقرطة.
يذكر أن مؤشر اليمقراطية اعتمد على استقصاءات استندت إلى أجوبة عن 60 سؤالاً، وكل سؤال تضمن 3 خيارات. ومعظم إجابات المؤشر عبارة عن تقييم للخبراء، الذين لا يبين اختصاصاتهم أو عددهم، أو ما إذا كانوا من الخبراء الاقتصاديين العاملين أو العلماء المستقلين أو جنسياتهم.
ومن بين الأسئلة التي كان لها تأثير على نتائج مؤشرات الدول، سؤال ما إذا كانت الانتخابات الوطنية حرة ونزيهة أم لا، وما إذا كان هناك تحقيق الأمن للناخبين، ومدى تأثير القوى الخارجية على الحكومة، وقدرة موظفي الحكومة على تنفيذ السياسات.
ويحتسب المؤشر النهائي للدول من 10 نقاط، إذ تصنف الدول التي تحصل على 8 – 10 نقاط بأنها «ديمقراطية»، أما الدول التي تحصل على 6 – 7.9 نقاط فإنها « دول ذات ديمقراطية منقوصة»، والدول التي تحصل على 4 – 5.9 نقطة فإنها تصنف ضمن «النظم المختلطة بين النظم الديمقراطية والمتسلطة»، فيما تصنف الدول التي تحقق أقل من 4 نقاط على أنها «أنظمة تسلطية».
حذروا من عودة التوتر السياسي
فعاليات وطنية: أمام البحرين خطوات كبيرة لتقوية موقعها الديمقراطي
اعتبرت فعاليات وطنية أن ما جاء في مؤشر الديمقراطية الذي أصدرته مجلة «الإيكونومست» البريطانية، كان بمثابة تحذير للحكومة البحرينية من استمرار التوتر السياسي، مؤكدين أن على الحكومة أن تقطع خطوات كبيرة في سبيل تحسين مكانة البحرين ورصيدها في مجال التحول الديمقراطي.
وفي هذا الصدد، أكدت الأكاديمية منيرة فخرو أن ما أشار إليه التقرير من أن البحرين ستشهد في المرحلة المقبلة اضطرابات، سواءً بسبب الوضع الاقتصادي القائم في العالم وانعكاساته على البحرين وهو أمر غير مستبعد، وتضاف إلى أسبابه ما حدث في فترة التسعينيات وتطور إلى طريق مسدود في نهاية التسعينيات.
وقالت: «مع العهد الجديد كانت هناك وعود بانفراج قوي وكبير، غير أن الجميع شهد أن هذا الانفراج لم يستمر طويلاً،فإصدار دستور جديد لم يطلع عليه المواطنون إلا في الوقت نفسه من الإعلان عنه في العام 2002 كان صدمة للجميع تصرفت معها المعارضة بمقاطعة الانتخابات في 2002».
وتابعت: «ما حدث بعد ذلك معروف للجميع، إذ دخل برلمان 2002 من ليس لهم علاقة بالمعارضة ولا بما حدث في التسعينيات، وعندما أرادت المعارضة تجربة المساهمة في الانتخابات، ووجهت باحتمالات تزوير في الانتخابات سواءً من حيث توزيع الدوائر أو من حيث التجنيس أو من حيث إحضار المجنسين من خارج البحرين للتصويت، ولا شك أن كل ذلك أدى إلى وصول البحرين لما وصلت إليه».
وأكدت فخرو أن الفعاليات الوطنية المختلفة حذرت من كل ذلك، غير أن الحكومة مصممة على برنامج معيّن اتضحت تفاصيله في «التقرير المثير»، وهو التجنيس السياسي، الذي بدأت تظهر نتائجه السلبية الآن وصاعداً.
وأضافت: «في رأيي أن الوضع في البحرين أكثر تعقيداً من وضع التسعينيات، لأنه في فترة التسعينيات كانت الحكومة تفتقد للشرعية في ممارستها، أما الآن أصبحت هناك تغطية دستورية برلمانية، وعلى رغم قولنا هذا فنحن لا ننكر حرية الرأي الجزئية المتاحة للمواطنين في التعبير عن آرائهم ولكن من دون استطاعة تنفيذ ما يجول بخلدهم».
وأشارت فخرو إلى أن تحذير التقرير من أن البحرين ودولاً أخرى قد تشهد وضعاً أسوأ وذلك بسبب استمرار الانحدار في المؤشر الديمقراطي مع تعاظم الأزمة الاقتصادية: «نحن الآن نرى نتائج هذه الأزمة في التسريحات الوظيفية التي تقوم بها المصارف والمؤسسات المالية والتي عولنا عليها كثيراً على أنها هي التي ستؤطر مستقبل البحرين الاقتصادي».
وقالت فخرو: «توقعات تقرير مؤشر الديمقراطية 2008 ظهرت نتائجها باكراً، وما سيحدث للاقتصاد سينعكس على الوضع السياسي الذي يشكو حالياً من التوتر، وكما هو معروف فإن المسيرات مستمرة ضد التجنيس السياسي وضد البطالة وضد قضايا الإسكان، ومن المتوقع المزيد منها مستقبلاً».
أما الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي حسن مدن فأكد أن ما ذكره تقرير «مؤشر الديمقراطية 2008» يعني أنه على الحكومة أن تقطع خطوات كبيرة في سبيل تحسين مكانة البحرين ورصيدها في مجال التحول الديمقراطي.
وأشار إلى أن المعايير التي اعتمدها التقرير تشير إلى أن هناك أوجه نقص في الحياة السياسية في البحرين ويجب العمل على تخطيها، ومن بينها الإصلاح الدستوري لتوسيع المشاركة السياسية بشكل فعلي عبر تفويض السلطة التشريعية وإعادة النظر في التشريعات والقوانين السارية المفعول، سواءً تلك التي وضعت في المرحلة السابقة للإصلاح عندما قامت الحكومة بالدور التشريعي في غياب السلطة التشريعية أو حتى بعض التشريعات التي أقرت بعد الحياة النيابية، ومن بينها قانون التجمعات الذي يدور الحديث الآن عن تغليظ العقوبات فيه، وقانون الجمعيات السياسية ليصبح متوائماً مع شروط الحياة الحزبية المتطورة، وقانون مكافحة الإرهاب وما ينطوي عليه من قيود كثيرة على الحريات العامة والعقوبات وقانون المطبوعات والنشر.
أما فيما يتعلق بالأداء الحكومي، فقال مدن: «من المعروف أن البحرين مصنفة ضمن الدول التي ترتفع فيها معدلات الفساد المادي والإداري، وهناك تداخل كبير بين المال العام والخاص وسطو غير قانوني على الأراضي، وأوجه متعددة من العبث بالمال العام، وتطالب الحركة السياسية في البحرين دائماً باعتماد معايير النزاهة والحكم الرشيد في أداء الحكومة وتوسيع نطاق الشفافية في أوجه الإنفاق والتصرف في المال العام لسد الثغرات الكثيرة التي يتسرب منها هذا المال إلى الجيوب الخاصة».
وفيما يتعلق بالتشريعات المتصلة بالحريات المدنية، أكد مدن على ضرورة إقرار قانون الأحكام الأسرية وتوسيع مشاركة المرأة في الحياة العامة بما في ذلك إعادة النظر في الإجراءات المنظمة للعملية الانتخابية حتى تتاح للمرأة الوصول إلى المجالس المنتخبة، باعتبار أن ذلك يندرج في نطاق ضرورة القيام بإصلاح جدي وجذري في النظام الانتخابي المعمول به حالياً وطريقة توزيع الدوائر الانتخابية.
ومن جهته أرجع الناشط الحقوقي هاني الريس تصنيف مؤشر «الديمقراطية 2008» مملكة البحرين ضمن الدول التسلطية إلى الاعتقال – الذي يمكن ان يقترب من الصفة العشوائية – للمواطنين على ذمة الأحداث الأمنية الأخيرة، وتعرض المعتقلين للتعذيب بحسب إدعاءات أهاليهم ومحاميهم، مشيراً إلى أنه تم التغطية على ما حدث من اعتقالات تعسفية باعتقالات أخرى، وممارسة التهديد بالعنف مع المواطنين.
وقال: «اننا نأمل أن نننظر إلى البحرين على أنها دولة ديمقراطية لوجود برلمان وقضاء مستقل وحرية فيها، بينما يختلف الأمر في الواقع، إذ إن قوانينن مكبلة للحريات مازالت سارية، إضافة إلى القرارات الرسمية التي يعلن عنها بين فينة وأخرى عبر وزير ما أو عبر مجلس الوزراء وكلها تتجه نحو بيئة قوانين الطوارئ».
وأضاف «نطمح أن يتم تفعيل تحول البحرين لمملكة دستورية، ومنح حد أدنى من الديمقراطية».
أما بشأن ما ينقص البحرين لتتحول إلى نظام الحكم الصالح، فأكد الريس على ضرورة تحقيق المشاركة الشعبية والإصلاح الحقيقي والجوهري في أنظمة الحكم على المستويين المحلي والوطني، وتكريس الأنظمة التي يشارك فيها المجتمع وممثلي الشعب.
وأضاف «لا يمكن تحقيق الديمقراطية إلا باعتماد أسس الحكم الصالح ومحاربة الفساد في إدارات الدولة وشركاتها، وأن تكون هناك محاسبة ومكاشفة للرأي العام، وتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة، وهذا ما يتوافر في الأنظمة الديمقراطية الدستورية الحقيقية التي تتحكم فيها إرادة الشعب».
الوصلة:
http://www.alwasatnews.com/news/print_art.aspx?news_id=844875&print=true
صحيفة الوسط 2008 – تصدر عن شركة دار الوسط للنشر و التوزيع – جميع الحقوق محفوظة