لمناسبة الذكرى الثامنة لليوم العالمي لمنع الإفلات من العقاب ضد الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين الموافق ليوم 02 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 والذي اقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والستين المنعقدة في عام 2013. نظمت مجموعة من المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية نشاطا بعنوان “لا للإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في المنطقة العربية“ يوم الثلاثاء 02 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، في فندق راديسون بلو- فردان، بيروت.
شمل النشاط ندوة أدارها المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان خالد إبراهيم، وشارك فيها كل من محامي حقوق الانسان والمستشار القانوني في مؤسسة مهارات طوني مخايل، مسؤول برامج الاتصال والمعلومات في مكتب اليونسكو في بيروت جورج عواد، رئيسة مركز البحرين لحقوق الإنسان ومنسقة مجلس آيفكس نضال السلمان، والصحافية في منظمة الأرشيف اليمني عبير محسن.
كما شمل النشاط أسئلة وأجوبة مع الصحافيين، ومعرض صور يتضمن صور الصحافيين القتلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال السنوات الأخيرة حتى عام 2021.
قدّم المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان خالد إبراهيم إطارا عاما عن وضع الافلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في المنطقة العربية. وأشار إبراهيم الى ان صور الصحافيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل عملهم الصحفي المهني التي نراها بارزة في المعرض الصحافي السنوي يجب أن تحفزنا على العمل سوية، من أجل إنهاء الحصانة ومحاكمة الجناة الذين ارتكبوا تلكم الجرائم. وقال إبراهيم إن، “علينا العمل مع بعضنا البعض كمنظمات مجتمع مدني وآليات دولية وحكومات معنية من أجل الإنهاء الفوري للحصانة والإفلات من العقاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي لاتزال من أخطر المناطق في العالم للعمل الصحافي.”
وقال المستشار القانوني في مؤسسة مهارات طوني مخايل إن، “الاحتفال بهذه المناسبة يأتي وقد مرت عشرة أشهر على مقتل الصحافي لقمان سليم دون ان تتوصل التحقيقات الى كشف اية خيوط في هذه الجريمة وسط تعتيم وصمت من قبل المسؤولين اللبنانيين. افلات قتلة الصحافيين في لبنان من العقاب يتكرس كنمط ثابت استمر لعقود من الزمن قبل الحرب وبعدها ومرورا بجريمتي اغتيال جبران تويني وسمير قصير في العام 2005 ويستمر حتى يومنا هذا.”
ولفت مخايل الى انه منذ انطلاق الثورة في لبنان في تشرين الاول من العام 2019 تعرض عشرات الصحافيين لانتهاكات جسدية وتهديدات لثنيهم عن تغطية الاحتجاجات وتوثيق الانتهاكات بحق المعارضين، ولم يتم فتح اي تحقيق او معاقبة المعتدين بالرغم مشاكرة قوات الامن في اعمال الاعتداء على الصحافيين قما وثقت احداث ثكنة الحلو ذلك بشكل جلي وحتى الساعة لم يحاسب المعتدون بتغطية من رؤسائهم وبقرار سياسي يتمثل بعدم اصرار وزارة الداخلية على ذلك.
وشدد مخايل على ان عدم محاسبة المعتدين على الصحافيين وافلاتهم من العقاب من شأنه ان يُقلص مساحة حرية الصحافة والحق في الاختلاف في الآراء والتعددية ويزيد من مخاطر قيام الصحافيين في عملهم وتعريض حياتهم للخطر. كما من شانه ان يؤدي الى ثني الصحافيين عن متابعة القضايا المتعلقة بالفساد او التي تسعى جهات فاعلة الى قمع النقاش العام الدائر حولها.
قال مسؤول برامج الاتصال والمعلومات في مكتب اليونسكو في بيروت جورج عواد انه “في حين أن القتل هو أكثر أشكال الرقابة على وسائل الإعلام تطرفاً، فإن الصحافيين يتعرضون أيضاً لتهديدات لا حصر لها – تتراوح من الاختطاف والتعذيب والاعتداءات الجسدية الأخرى إلى المضايقات، لا سيما في المجال الرقمي. إن التهديدات بالعنف والاعتداء على الصحافيين على وجه الخصوص تخلق مناخًا من الخوف لدى الإعلاميين، مما يعيق التداول الحر للمعلومات والآراء والأفكار لجميع المواطنين”.
وأشار عواد الى ان الصحافيات بشكل خاص تتأثر بالتهديدات والاعتداءات، لا سيما تلك التي تتم عبر الإنترنت. وفقًا لورقة المناقشة الأخيرة لليونسكو، “الهدوء: الاتجاهات العالمية في العنف عبر الإنترنت ضد الصحافيات”، قالت 73٪ من الصحافيات اللواتي شملهن الاستطلاع إنهن تعرضن للتهديد والترهيب والإهانة عبر الإنترنت فيما يتعلق بعملهن.
وسيسلط اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين 2021 الضوء على الدور الفعال لأجهزة النيابة العامة، في التحقيق والملاحقة ليس فقط في جرائم القتل ولكن أيضًا في التهديدات بالعنف ضد الصحافيين.
كما ستمهد احتفالات اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في عام 2021 الطريق للذكرى السنوية العاشرة، لخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين، ومسألة الإفلات من العقاب، والتي سيتم الاحتفال بها في اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين 2022.
ولفتت رئيسة مركز البحرين لحقوق الإنسان ومنسقة مجلس آيفكس نضال السلمان في حديثها الى انه بحسب مراسلون بلا حدود، فإن 50 صحافي قُتلوا بسبب عملهم حول العالم في العام 2020. أما الصحافيين الذين سُجنوا حول العالم بسبب عملهم فقد بلغ مستوى قياسي في العام الماضي وهو 274 صحافيا على الأقل. اعتقل العديد من هؤلاء بسبب تغطيتهم لجائحة كورونا أو بسبب انتقادهم لسياسات الحكومة اتجاهها أو تغطية الاضطرابات السياسية بصورة عامة.
المنطقة العربية كان لها حصة الأسد من هذه الأرقام، فقد كان العراق البلد الثاني عالمياً بعد المكسيك بعدد الصحافيين الذين قتلوا خلال العام الماضي. ستة صحافيين قتلوا في العراق، ثلاثة منهم بنفس الطريقة وهي رصاصة في الرأس خلال تغطية المظاهرات، مع إفلات القتلة من العقاب حتى الآن. كما احتلت أربع دول عربية وهي الصومال وسوريا والعراق وجنوب السودان أسوأ أربع مراتب على مؤشر لجنة حماية الصحافيين العالمي للإفلات من العقاب للعام 2020، أما بالنسبة لعدد الصحافيين الذين سُجنوا خلال العام الماضي، فقد احتلت مصر والسعودية المرتبتين الثالثة والرابعة على التوالي عالمياً.
وأكدت الصحافية في منظمة الأرشيف اليمني عبير محسن ان للمجتمع الدولي دور في جمع الجهود للعمل عل وقف الانتهاكات التي ترتكب بحق الصحافيين من جميع أطراف النزاع في اليمن.
وقالت محسن ان “المجتمع الدولي بمنظماته ومؤسساته لم يقدم للصحافيين ما يمنع حدوث الانتهاكات ضدهم، حيث إكتفى بالتنديد فقط، وبالتالي يفترض ان تكون هناك آليات حازمة وشديدة فيما يخص الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، وإلا سيظل الصحافيين مستهدفين ومعرضين للخطر”.
يذكر ان الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في دورتها الثامنة والستين المنعقدة في عام 2013، القرار 163/68 الذي أعلن يوم 02 نوفمبر/تشرين الثاني بوصفه “اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين”. وقد حثّ القرار الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمكافحة ثقافة الإفلات من العقاب المتفشّية حاليا. وقد جرى اختيار هذا التاريخ إحياءً لذكرى اغتيال الصحافيَين الفرنسيَين في مالي بتاريخ 02 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.
وهذا يعد مكملا لخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب التي أقرها مجلس الرؤساء التنفيذيين في منظومة الأمم المتحدة للتنسيق في 12 أبريل/نيسان 2012، بحيث دعت وكالات الأمم المتحدة الصناديق والبرامج للعمل مع دول الأعضاء لإيجاد بيئة حرة وآمنة للصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام في حالات النزاع وعدم النزاع، وذلك بهدف تعزيز السلام والديمقراطية والتنمية في جميع أنحاء العالم.