يندرج الحق في الوصول إلى المعلومات ضمن الإطار العام لحرية التعبير. تنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في الوصول إلى المعلومات من خلال النص على الحق في “التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين”. إن الحق في الوصول إلى المعلومات هو أداة للمشاركة الديمقراطية، ووسيلة للرقابة على المؤسسات الحكومية ومنع الفساد وسوء المعاملة من قبل الموظفين العموميين، كما هو أداة لتعزيز المساءلة والشفافية في الحكومة. يضمن الحق في الوصول إلى المعلومات إدارة الشؤون العامة بشفافية. حتى العام 2021، سن ما لا يقل عن 128 دولة حول العالم قوانين حول الحق في الوصول إلى المعلومات واعتمدت أنظمة وسياسات تضمن حق الجمهور في الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها السلطات العامة. حتى الآن، لم تستحدث البحرين تشريعات حول الحق في الوصول إلى المعلومات ،وهناك أوجه قصور في حماية هذا الحق، كما حماية إطاره العام.
في 17 نوفمبر 2009، وافق مجلس النواب البحريني على مشروع قانون حول الحق في الوصول إلى المعلومات، والذي تمت إحالته إلى مجلس الشورى للموافقة عليه. تمت مناقشة القانون من قبل مجلس الشورى المعيّن في مايو 2010، حيث تم تأجيل اعتماده إلى أجل غير مسمى. قرر مجلس الشورى استحداث قانون “يحمي معلومات ووثائق الدولة” قبل اعتماد قانون يحمي الحق في الوصول إلى المعلومات. وبالفعل، فقد تم اعتماد القانون رقم 16 لسنة 2014 بشأن حماية معلومات ووثائق الدولة، في حين أن قانون الوصول إلى المعلومات لم تتم الموافقة عليه بعد.
نصت المادة 3 من القانون رقم 16 لسنة 2014 على ثلاثة مستويات للتصنيف: “سري للغاية” و “سري” و “محظور/محدود”. فرض القانون عقوبات تصاعدية على إفشاء هذه الوثائق والمعلومات حسب درجة سريتها، ولكنه لا يوفر أي معايير لكيفية تصنيف هذه الوثائق ضمن المستويات الثلاثة ويترك الأمر لتقدير الهيئات الحكومية المعنية بموجب نفس المادة. كما نص القانون على أن الوثائق والمعلومات غير المصنفة ضمن المستويات الثلاثة المذكورة هي “عادية” و “لا يجوز إفشاء مضمونها لغير المعنيين بها”، وفق المادة 4.
يفرض القانون رقم 16 لسنة 2014 قيوداً كبيرة على الحق في الوصول إلى المعلومات، لا سيما مع عدم وجود قانون صريح يحمي هذا الحق. من خلال منح الأجهزة الحكومية سلطة تصنيف الوثائق والمعلومات الرسمية دون معايير واضحة، يمنح القانون الحكومة الحق في الكشف فقط عن المعلومات التي ترغب في الكشف عنها ويُخضع تمتع المواطنين بالحق في الوصول إلى المعلومات لتقدير وسلطة الحكومة، وهذا يتعارض مع المنطلق الأساسي لهذا الحق بأن “جميع المعلومات التي تحتفظ بها الحكومات والمؤسسات الحكومية هي من حيث المبدأ عامة ولا يجوز حجبها إلا إذا كانت هناك أسباب مشروعة، مثل الخصوصية والأمان عادةً، لعدم الكشف عنها”. حتى الوثائق والمعلومات “العادية” لا يمكن الكشف عنها إلا “لأولئك المعنيين بها”، وفقاً للقانون رقم 16 لسنة 2014. تثير هذه الأحكام تساؤلات حول الغرض من هذا القانون وتجعل اعتماد أي قانون حول الحق في الوصول إلى المعلومات يكاد يكون بلا معنى.
إن الحق في الوصول إلى المعلومات مقيّد بشكل أكبر بالقيود العامة المفروضة على الحق في حرية التعبير، حيث تشن الحكومة حملة قاسية على حرية التعبير وتغلق بشكل منهجي الفضاء السياسي والمدني. عشرات الأحكام في قانون العقوبات البحريني تجرّم انتقاد المسؤولين والأجهزة الحكومية دون مراعاة الحق في التعبير عن الرأي والحق في مساءلة السلطات. حوكم وسجن المئات بتهم تتعلق بالتعبير، بما في ذلك الإشارة إلى الفساد في أجهزة الدولة. مع تقييد الحق في حرية التعبير، يفقد الحق في الوصول إلى المعلومات هدفه الرئيسي، وهو تمكين الجمهور من التدقيق في قرارات السلطات، ومحاسبة المسؤولين الحكوميين على أفعالهم، ومنع إساءة استخدام السلطة. إن الحق في الوصول إلى المعلومات ما هو إلا مظهر من مظاهر الحق في حرية التعبير.
إن فشل حكومة البحرين في سن قوانين تحمي حق الوصول إلى المعلومات هو استمرار لنهج عدم الشفافية في إدارة الشؤون العامة، وتجاهل الرأي العام، ورفض الانتقاد والمساءلة. علاوة على ذلك، في جو القمع الحالي، وطالما تسحق الحكومة الحق في حرية التعبير، فإن الحق في الوصول إلى المعلومات لا يمكن أن يحقق الغرض منه. ومن هنا، فإننا ندعو حكومة البحرين إلى احترام الحق في حرية التعبير وانتقاد المسؤولين والهيئات الحكومية، وكذلك سن القوانين التي تحمي الحق في الوصول إلى المعلومات، مما يسمح للجمهور بممارسة حقوقهم المدنية والسياسية بشكل فعال والانخراط في العملية الديمقراطية بما يتماشى مع التزامات البحرين الدولية في مجال حقوق الإنسان.